أدب

ياقلبي مهلاً

بقلم مصطفى سبتة

ياقلبي مهلاً فمن غيري سيهواهُا

لو غاب دهراً فإِنِّي لستُ أنساهُا

قد راحَ عنِّي ومازالت ملامحهُا

في العقلِ رسماً بديعاً قد رسمناهُا

من ظنَّ يوماً بأنِّي لستُ أذكرهُا

يَأتي وينظرُ في عينيَّ ذكراهُا

هذي ورودٌ أراها في حديقتِهِا

تاقتْ إليهِ وبالتحنانِ تهواهُا

تهفو إليهِ بإلحاحٍ وقد ظمِئتْ

وأصبحت تشتكي للقترِ ريَّاهُا

ذابت وكادَ الجوى يمضي بفتنتِهَا

لولا احتكامُ الهوى والحبّ لولاهُا

هذي الورودُ بهِ دوماً تُذكِّرني

تبكي وتسألني أيَّانَ نلقاهُا

يا قلبي مهلاً فمازالت أناملُهُا

بالقلبِ تَلهو وتَسري في خلاياهُا

والقلبُ يهذي ويشدو من قصائدِهِا

ما كانَ يشدو وما كنَّا سَمِعناهُا

والنفسُ تبكي حنيناً مِن مواجِعِهَا

فالنَّفسُ فيها بقايا من بقاياهُا

في كلِّ دربٍ كتبْنَا ما يُذَكِّرُنا

أنَّى أسيرُ سأتلو ما كتبناهُا

سألتُ قلبي ، وبي وجدٌ يُروِّعُنِي

أينّ الحبيبُ وهل حقا فقدناهُا

سَمِعتُ قلبي بما أُبدي يلاحِقُني

يقولُ مثلي كلاماً قد نَظَمناهُا

يَضِجُّ شوقاً وفي خوفٍ تسائِلُني

عمَّا جَنيْنَا وعن ذنبٍ فعَلْناهُا

حتَّى ظَنَنْتُ بأَنِّي سوفَ أَفْقِدُهُا

مِنَ الجُنونِ ومِنْ حُزْنٍ تغَشَّاهُا

فقلتُ للقلْبِ صبراً إنَّني ثَمِلٌ

وأنْتَ مثلي بِكَأْسٍ قد شَرِبْنَاهُا

إِنَّ الحبيبَ وإِنْ طَالَ الفراقُ بهِا

يوماً يَعودُ فَنَجْني ما زَرَعْنَاهُا

يَعودُ يَحمِلُ في كَفَّيْهِ فَرحَتَهُا

غيرَ الورودِ وبَعضاً مِن هَدَاياهُا

يَشكو الحنينَ وَيَرجو أن نُسامِحَهُا

عمَّا تَجنَّى وأنْ نَنْسى خطاياهُا

يا قلبُ حتما سَيَأْتي نادِماً أَسِفا

يَبْكي وَيَلعَنُ ذنْباً قد تَجَنَّاهُا

يَرْوي الورودَ ويمحو ما ألمَّ بها

مِنَ الهَوانِ وَيُنْهي ما بَدَأْنَاهُا

يَا قلبُ صبراً فإنَّ الحبَّ نعرفُهُا

قدعاثَ فينا وكُنَّا مِنْ ضحاياهُا

حبٌّ عجيبٌ غَريبٌ في طبائعِهِا

بالخيرِ يبدو ويُخفِي ما كَرِهناهُا

فإنْ بَنينَا على كَفَّيْهِ مَسْكَنَنَا

يبغي ويَهدِمُ ما كُنَّا بَنَيْنَاهُا

وَإِنْ مَضَيْنَا إلى حلمٍ نًحَقِّقُهُ

يَخْتالُ فينا ويمحو ما رَأَيْناهُا

يَظَلُّ فينا مكيناً لا يُبَارِحُنَا

حتَّى نَظُنُّ بِأَنَّا قد ملكنَاهُا

يَفِرُّ مِنَّا وخَلفَ الموتِ يَترُكُنا

نَهذِي ونَبكي على عُمرٍ أَضَعْناهُا

إِذا الحقيقةُ في صمتٍ تُواجهُنا

فالحبُّ وحشٌ رقيقٌ قد جَهِلْناهُا

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى