الدكتور السيد نجم : رمضان منحة ربانية وبداية نحو حياة أفضل

 حوار نرمين الشال

رمضان جنة المؤمن وهو نفحة روحية يجود بها الله على عباده كل عام وعن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال ” رغم أنفُ امريِء أدرك رمضان فلم يُغفر له… فهو شهر القرآن والصدقة والصبر والإيمان، ولكي نكون من الفائزين بالمغفرة في رمضان علينا أن نُحسن استقباله ونؤدي فريضة الصوم إيماناً واحتساباً ونسارع إلى فعل الخير حتى نكون من المقبولين …. عن فضل صوم رمضان والحكمة منه أجرينا هذا الحوار مع الدكتور السيد نجم من علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف.

· ** كثيرين يؤدون فريضة الصيام دون التفكير في الحكمة والهدف منه فما هي الحكمة من صيام رمضان ؟

** إن لصوم رمضان حكم عالية ومعاني دقيقة، وهي كثيرة ومتجددة ، فالصوم يمد المسلم بطاقة روحية تساعده على إحداث تغيير إيجابي في حياته ويدربه تدريبا عمليا على سمو الروح وتوهجها، فيكتشف الفرد مواطن الخير في نفسه، وتقوى عزيمته ويتصل بخالقه، والصوم يعلمنا الصبر والتمرس على الشدائد ومجانبة الترف، فتقوى إرادتنا لأنه مدرسة مدتها ثلاثون يوما في كل عام يتلقى فيها أشق التدريبات النفسية ليخرج بعدها قوي العزيمة صلب الإرادة، يقظ الضمير لأن الصائم يعلم أنه لا رقيب عليه إلا الله ، فيظل ضميره متقد الشعلة ، موصول الضياء، وهذا سبيل إشاعة الأخلاق في المجتمع، لأن الأخلاق هي الهدف الأسمى للعبادات كما قال صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، فهل ترى صائما يصدق مع ربه ويكذب على الناس ؟ اتراه يخلص في صومه ثم ينافق المجتمع ؟ إن الإخلاص كل لا يتجزأ وإن ذروة سنامه وملاك أمره الإخلاص مع الله فمن أخلص معه سبحانه محال أن يتلون أو يخدع أو يغش مع سواه.

 ** كيف يكون شهر رمضان فرصة لترتيب أولوياتنا بطريقة نافعة ؟

 ** إن رمضان يعلمنا أن نرتب أولوياتنا بفطرة ربانية فالمسلم يرتب يومه من قبل صلاة الفجر وحتى صلاة التراويح ، يرتب سحوره وصلاته، وعمله ومصالحه الحياتية، ويحرص على أن يؤدي الصلاة في جماعة، وأن يتزود بالزاد الروحي من الأذكار والقرآن ، ينظم مواعيد يدعو فيها أقاربه وأصدقائه لتناول الفطور وصلة الأرحام، وزيارة المرضى، أغلبنا يفعل جميع هذه الأشياء في رمضان إذا فهو شهر زيادة الإنتاج وليس شهرا للكسل والنوم، وهو فرصة لكي نستمر علي تنظيم أوقاتنا حتى بعد انقضاء الشهر.

** هل يأثم من يتعمد اضاعة الوقت في رمضان تحت مسمى تسلية الصيام ؟

** رمضان هو شهر استثمار الوقت وكل دقيقة فيه غالية عند الله وفيها من الأجور المضاعفة ، وأيامه ولياليه بابا مفتوح للتوبة والتزود بالتقوى ، ففيه تذوب روح المؤمن الصادق وتفنى ذاته فيحس بحلاوة المناجاة، ولذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنام الأوقات لا سيما في شهر رمضان فقال ” رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له” وقال : لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ” فعلى المسلم أن يراعي حرمة هذا الشهر ويغتنم أوقاته ولياليه في التقرب إلى الله عز وجل

 ** ما هي أهم السنن النبوية التي يجب علينا احيائها في رمضان؟

** سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم هي  أبواب التقرب إلى الله تعالى في رمضان، وهناك الكثير منها يستطيع المسلم أن يحييها في شهر رمضان، وذلك لأن الأجواء كلها مهيأة للطاعة والعبادة وأبواب الجنان مفتحة، والشياطين مصفدة ، والنفوس مهيأة ، ومن هذه السنن التقرب إلى الله بقراءة القرآن، فإذا كانت قراءة القرآن يؤجر عليها المسلم طيلة العام فإنها أكثر أجرا في شهر رمضان لأنه شهر تنزل القرآن فعن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله أوصني، قال “عليك بتقوى الله، فإنه رأس الأمرِ كلِّه، قلت: يا رسول الله زدني. قال: “عليك بتلاوة القرآن؛ فإنه نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء”، وصلاة النوافل كصلاة الضحى، وصلاة التراويح التي يتميز بها شهر رمضان ، وكذلك الصدقة وإفطار الصائم لا سيما الفقير والغريب، من فضائل الأعمال في هذا الشهر التصدق، وأيضا تحري ليلة القدر التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنامها والتي وصفها ربنا تبارك وتعالى بأنها ليلة مباركة أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً، كما جاء في الحديث: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ..))، نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يتقبل صيامنا.