اخبار عاجلةتحقيقات و تقاريرتعليم و تكنولوجيامتابعات

الجيوشي : التنمية تبدأ من هنا

كتب : محمد البيلى

في مقال جديد للدكتور / أحمد الجيوشى نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفنى السابق يتحدث فية عن التنمية من أين تبدأ فقال :

طالعت باهتمام النسخة شبه النهائية لتقرير حالة التنمية حول العالم لعام2019الذى يحمل عنوان «مستقبل الوظائف وفرص التشغيل»، ويقدم عدة حقائق مفادها أن نسبة الوظائف وفرص العمل المتاحة للشباب حول العالم فى الاقتصاد القائم على التصنيع، لا تتعدى 35% فى الدول المتقدمة، ولا تزيد على 10% فى الدول الأقل دخلا حسب الناتج القومي، ومن ثمّ يجب تغيير السياسات لتوفير فرص عمل للشباب والتواؤم مع التكنولوجيا الرقمية وإحلال الآلة محل البشر فى الوظائف النمطية التى يمكن الاستغناء فيها عن الإنسان، وعندما نتحدث عن التعليم الفنى والمهنى أجد لزاما على واضعى السياسات، استمرار جهودهم فى اتجاهين محددين، الأول يرتبط بنِسَب الالتحاق بالنوعيات المختلفة للتعليم الفنى والمهني، وأوضح التقرير أن حجم فرص العمل بقطاع التصنيع فى مكونات الاقتصاد بالدول النامية المنخفضة الدخل القومي، ومنها مصر منسوبا إلى فرص العمل فى باقى قطاعات الاقتصاد لا تزيد علي عشرة فى المائة وبالتالى يصبح من غير المقبول أن تستمر نسب القبول فى قطاع التعليم الصناعى على ما هى عليه، حيث تبلغ 48% من إجمالى نسب القبول فى كل أنواع التعليم الفنى والتى تضم إلى جانب الصناعى كلا من التجارى والزراعى والفندقي، وهو ما تعمل وزارة التربية والتعليم لتغييره، ولكن دون قناعة من أولياء الأمور والطلاب، ولذلك من المهم استمرار الجهود لعرض هذه الحقائق عليهم لتعديل نسب الالتحاق فى نوعيات التعليم الفنى والمهنى لكى يجد كل شاب فرصة عمل مناسبة ولائقة بعيدا عن مزاحمة الآلة لهم، فالتخوف العالمى من إحلال الآلة محل الإنسان ليس له محل من الإعراب فى الدول ذات الدخل المنخفض لأسباب تتعلق بانخفاض نسب العمالة فى قطاع التصنيع بالنسبة إلى القطاعات الخدمية، وتتعلق أيضا بتخلف التكنولوجيا المستخدمة والذى سيستمر معنا تصنيعيا لعقد قادم على الأقل، وبالتالى ستستمر التخصصات الصناعية التقليدية لوقت ليس بقليل، ولأعداد ضخمة من الطلاب.

أيضا يجب تنمية المهارات الإدراكية والسلوكية والوجدانية لدى الشباب، وهى المهارات التى لا يمكن أن تضطلع بها الآلة ولا التكنولوجيا الرقمية، ولن يكون سهلا أن تحل الآلة محل الإنسان فيها، وقد اتخذت وزارة التربية والتعليم عدة مبادرات مهمة بالتعاون مع الجهات الدولية الداعمة لتقديم برامج وحزم تدريبية لطلاب وخريجى التعليم الفنى فى مجالات الإرشاد والتوجيه الوظيفي، وبرامج التدريب على ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة، من خلال وحدات تيسير الانتقال إلى سوق العمل المنشأة الآن فى نصف مدارس التعليم الفنى تقريبا، وهى برامج متعددة تقدم بالتعاون مع شركاء التنمية الدوليين والمحليين، فمن المقرر تعميم تدريب طلاب التعليم الفنى على برامج الإرشاد والتوجيه الوظيفي، وبرامج ريادة الأعمال لإكسابهم المهارات الإدراكية مع بداية العام الدراسى المقبل، وذلك بالمدارس «نظام 5 سنوات» أولا، ثم العام التالى على مدارس «نظام 3 سنوات»، وذلك وفق خطة التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 والتى يجب ألا يتأثر تنفيذها بتغيير المسئولين الذين يقودون الوزارات، لأن تطوير التعليم الفنى على وجه الخصوص يستغرق وقتا أطول كثيرا مما نظن، ويتطلب تثبيت السياسات لمدة لا تقل عن عشر سنوات بغض النظر عن تغيير الأشخاص، ويجب أن توفر لنا رؤية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) ذلك المناخ المرجعى المستقر للسياسات، ولو لم تكن موجودة لوجب علينا اختراعها، لكن لحسن التخطيط، فطنت القيادة السياسية لأهمية ذلك وأعلنت تلك «الرؤية الحصيفة»، ولا يعنى ذلك أن رؤية مصر 2030 وثيقة لا يمكن المساس بها، بل على العكس هى تمثل مرجعية قابلة للتعديل والتطوير كل الوقت، وللماليزيين فى ذلك قول مشهور، وهو أن الخطط الاستراتيجية لا يتم تنفيذ سوى 30% منها كما وضعت منذ البداية، ويتم تعديل نسبة 30% أخرى فى أثناء التنفيذ، بينما تضاف الـ 40% الباقية كبنود جديدة فى التنفيذ.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى