اخبار عاجلة

البصر والنظر

بقلم دكتور فوزي الحبال
قال الله تعالى في سورة الأعراف {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} ،من هذه الآية نلاحظ أن هناك فرق بين النظر و البصر .
أمرنا الله تعالى بغض البصر ، ولم يأمرنا بغض النظر بل وسمح لنا بالنظرة الأولى .
فالنظر هو رؤية الأشياء بدون استخدام العقل ، وبالتالي عدم الإحاطة بالشيء المرئي .
وهذا يحدث معنا كثيراً ، فإنّك ترى شخصا ما ، وَلَو سألك أحدٌ بعد ذلك عن لون قميصه فلا تعرف، هذا هو النّظر ، أمّا البصر فهو رؤية الأشياء مع استخدام العقل والتركيز ، للإحاطة الكاملة بالشيء المرئي، ولذلك نحنُ مأمُورون بغض البصر وليس غضّ النظر .
ولذلك أيضاً فإنّه يُمكِنُ النظرُ إلى المرأةِ في حالات كثيرة ومواقف كثيرة نمرُّ بها إذ لا مَناصَ من ذلك ، ولكن لو زاد النظرُ عن المطلوب وتحرَّكت الأحاسيسُ الفِطريّة فإنَّ النّظر يتحوّلُ إلى بَصَر ، وهُنا يأتي الأمرُ بالغضّ .
قال تعالى {قل للمؤمنين يَغضُّوا من أبصارهم}
ولذلك أيضا، 0فإنّا نجِدُ مِن أسماء الله تعالى البصير
ولا نجد من اسماءه الناظر
قال تعالى {إنه كان بعباده خبيراً بصيراً}
فالبصر أقوى وأعمق وأشمل من النظر ، واللهُ بصيرٌ أيْ يُحيطُ بكلّ شؤون عِبادِه مِن الداخل والخارج .
ولاحظ معي مدى دِقّةَ نظام كلمات القرآن ، فعندما يأمرُنا الله تعالى بالتدبُّرِ فى خَلقه، فإنّه يأمرنابالنظر لا بالبصر .
فيقول الله تعالي في محكم آياته من القرآن الكريم {أفلا ينظرون إلى الإبل}، {أفلا ينظرون إلى السماء} ، {فلينظر الإنسان مماخلق} .
فى كل هذه الآيات استخدم النظر ، لأن هذه الآيات معجزة ولا يستطيع أحدٌ الإحاطةَ بها والإلمام بمكوناتها ، فالنظر هنا أَوْلى من البصر.
فالنظر هو التحديق والتقليب في حدقة العين لإدراك الصُّور، في أول مراتب الإبصار،ثُمّ يليه الإبصار حين تُدرك أشباح الصور ورموزها وانعكاساتها مع تحليل العصب البصري لها ومِن ثَمَّ تليه الرُّؤية وهي الصورة الحقيقيّة لما مرّت به مراحل النظر ومن بعدها البصر ، وهي من لوازمه، {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى