اخبار عاجلةسياحة وأثار

دندرة دُرة الجنوب بين سطور التاريخ .

بقلم عاشق تراب دندرة : محمد عدلي محمد

((( مقدمة هامة ))) … لقد جمعت لكم من بين سطور التاريخ هذه السطور التي سجلها أهم علماء التاريخ و الآثار عن دندرة درة الجنوب ، و ذلك لكي نتعرف على تاريخ حضارتنا ولكي نبني جسور من الأمل و العمل و الإصلاح بين تاريخنا و مستقبلنا المشرق البسام .

لقد أُطلق على دندرة منذ زمن سالف ليس ببعيد اسم غندرة أي الدرة لما لها من موقع مميز ، وتحول حرف الغين عن أهلها إلى الدال لتكون دندرة الجميلة ، وقد عرفت في النصوص المصرية القديمة باسم تانترت أي الآلهة إشارة إلى الآلهة حاتحور ثم أصبحت في اليونانية تنتريس .

تقع دندرة بجمهورية مصر العربية على بعد 665 كم من القاهرة ، وهي من قرى محافظة قنا على بعد 6 كيلو متر من المحافظة ، يحدها من الشمال قرية المراشدة و من جنوب قرية المحروسة و من الغرب الصحراء الغربية و من الشرق أولاد عمرو .

وتوجد آثار المدينة المصرية القديمة في المنطقة الصحراوية الجبلية ، في موقع منعزل نسبيًا على طرف الصحراء، على بعد نحو ٢,٥ كم إلى جنوب غرب البلدة الحديثة ، يوجد معبد إغريقي ـ روماني ، ويرجع تاريخ بناء المعبد إلى الأسرة الرابعة وقد بدأ بطليموس الحادي عشر بناء المعبد وشيد سنة 116 قبل الميلاد ، عرف في مصر القديمة باسم ( لونيت ) أو ( تنترة ) ، كان موقع البلدة الحديثة عاصمة إقليم صعيد مصر .

و يعود تاريخ دندرة إلى عصر ما قبل الأسرات في مصر، ويدل على ذلك المقابر القديمة القريبة من حائط معبد هاتور ، وكانت دندرة عاصمة للكور السادس من صعيد مصر القديمة ، وكانت هاتور معبودتها الرئيسة ، يرجع نظام معبد هاتور إلى عهد خوفو ، كما قام بيبي الأول بترميمه فيما بعد .

ولأهمية دندرة ومعبدها الشهير تكلم عنها العلماء والمشاهير ، وهذا من أهم ما قيل عنها .

قال عنها ابن جبير الأندلسي في كتابه تذكرة بالإخبار عن اتفاقات الأسفاد صفحة 46 : دندرة هي مدينة من مدن الصعيد كثيرة النخل مستحسنة المنظر مشتهرة بطيب الرّطب ، بينها وبين قوص بريد . وذكر لنا ان فيها هيكلا عظيما، وهو المعروف عند أهل هذه الجهات بالبربا ، حسبما ذكرنا عند ذكر اخميم ، وهيكلها يقال أن هيكل دندرة احفل منه وأعظم .

قال المقريزي عن دندرة في كتاب المواعظ و الاعتبار ج 1 ص 233 : هي إحدى مدن الصعيد الأعلى القديمة بناها قفطريم بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام، وكان فيها برباً عظيمة، فيها: مائة وثمانون كوّة تدخل الشمس في كل يوم من كوّة، حتى تأتي على آخرها، ثم تكرّ راجعة إلى حيث بدأت، وكانت روحانيتها الموكلة بها تظهر في هيئة إنسان له رأس أسد بقرنين، وكان بها أيضاً شجرة تعرف بشجرة العباس متوسطة ، وأوراقها خضر مستديرة، إذا قال الإنسان عندها : يا شجرة العباس، جاءك الفاس ، تجتمع أوراقها، وتحزن لوقتها، ثم تعود كما كانت ، و بين دندرة ، وبين قوص بريد واحد، وكانت بربا دندرة أعظم من بربا إخميم .

قال عنها على باشا مبارك في الخطط التوفيقية ج 11 ص 60 : دندرة مدينة بأعلى الصعيد على الشاطئ الأيمن من النيل على بعد ربع فرسخ منه وعلى سعد ستي الأف متر من مدينة قنا وكانت تسمى فى لغة القبط نيكنطورى أو نيتنطورى وكانت تعرف فى التواريخ القديمة بتنتريس وفى بعض الكتب كانت تسمى جنترى أو تنترا أو تنطورى وكان أهلها مشهورين بشدة الكراهة لتماسيح .

قال جون فرانسوا شامبليون العالم الفرنسي الذي فك رموز اللغة المصر أثناء الحملة الفرنسية على مصر : أن تاريخ معبد دندرة يرجع إلى العصر الروماني ، وتصد شامبليون لأطماع الذين حاولوا نقل الأبراج السماوية لمعابد “دندرة” إلى باريس . بل دافع عن أبراج “دندرة” في رسالته الى المجلة الفرنسية قائلا: “إن احتفاظ عمائر مصر القديمة بأسقفها كان العامل الرئيسي في حمايتها والحفاظ عليها بهذه الصورة المدهشة ، إذ إنه فور خلع هذا السقف الواقي ما من شيء يحفظ الجدران والأعمدة والدعائم، تماما . كما لو أن الحلفاء قاموا بانتزاع جزء من سقف الرواق الكبير في قصر “فرساي” لا لشيء إلا للاحتفاظ ببعض نقوشه، فماذا يكون مصير باقي السقف والرواق نفسه في هذه الحالة؟ ” ، في هذه الرسالة شامبليون كان عادلا و إحساسه بالجمال ورغبته في الحفاظ عليه جعله يقرب قضيته الجمالية إلى نفوس الفرنسيين فقال: “إن الأبراج السماوية لمعبد”دندرة” مثل سقف قصر “فرساي” لا يمكن حتى ولا للغازي أن يهدمه أو يشوهه ليحتفظ ببعض نقوشه” ، و قال أيضا : “إن آثار وادي النيل تتكون من أحجار لن يتعذر علينا نقلها واحدا تلو الآخر إلى فرنسا أو غيرها مهما بلغت أحجامها ، ولكن ماذا سنكسب من وراء ذلك ؟ ، إن هذا الفعل سيفقد الأثر قدرا عظيما من قيمته وأهميته ، ومن يدرينا لعل العلماء سيتجادلون في المستقبل حول المكان الذي كان يشغله في الأثر الكبير قبل اقتلاعه منه، أو حول النقوش التي كانت تحيط به ” ، إن اهم ما يميز رسالة شامبليون إنه قدر القيمة الكبيرة لجمال وروعة المعبد ونقوشه لذلك دافع عنه بكل هذا الحماس .

وذكر ابن وحشية في كتابة المفقود أن جابر بن حيان زار معبد دندرة وتلقى علمه فيه .

ومستقبل دندرة السياحي مستقبل مشرق باهر لان معبد دندرة معبد من أروع وأكبر المعابد في مصر، وهو في حالة جيدة و ما زالت نقوشه واضحة تحكي تاريخ هذه الحقبة من تاريخ مصر ، و موقع دندرة موقع فريد ومميز بالقرب من مقر المحافظة بقنا ، و دندرة غنية بسواعد أبنائها و أرضها الخصبة الممتدة الأطراف .

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى