أدباخبار عاجلةكتاب و مقالات

الخيانة

بقلم / كواعب أحمد البراهمي
من أسوأ الصفات التي يتصف بها أي إنسان هي الخيانة , بل أن الخيانة من وجهه نظري الشخصية تنزل الإنسان من مرتبة الإنسانية إلي مستوي أقل , وربما أقل من الحيوان , لأن بعض الحيوانات من طابعها الوفاء , والبعض الآخر طبعه الغدر , ولكن لا يغدر إلا من جوع أو خوف .
أما الإنسان الخائن فهو يخون رغم شبعه , وهو يخون وهو غير محتاج . ومن أسوأ أنواع الخيانة هي خيانة الوطن من الذين نشأوا علي أرضه وأكلوا من خيره وأجدادهم مدفونين تحت ترابه .
وخيانة الوطن هي موضوع هذا المقال وهي الأسوأ في الخيانات جميعا ويأتي بعدها خيانة الصداقة وخيانة الأهل وخيانة العمل , وخيانة الشراكة , وخيانة الأزواج , وخيانة الثقة حتي لو من شخص لا يعرف الآخر ولكنه وثق به حتي لو كانا عابرا لطريق معه .
خيانة الوطن لها أشكال عدة , فليس الخيانة مقصورة علي العمل بالجاسوسية لصالح العدو وقت الحرب كما هو معلوم لدي العامة ,.
ولكن خيانة الوطن لها أشكال أخري علي رأسها التعاطف مع دولة العدو , والإشادة بها وبكل ما تفعله حتي ولو كان عملا غبيا ولا يستحق إلا الاحتقار , وتبرير تصرفها حتي لو كان مخالفا للدين أو للأخلاق ومناصرتها بالحديث أو علي صفحات التواصل الاجتماعي .
وفي المقابل محاولة هدم كل ما هو جميل علي أرض الوطن , محاولة تسخيف نجاحاته , وتقليل جهده , ومحاربة قرارته والخروج عليها والتشجيع علي ذلك ومحاولة تشتيت جهد العاملين من أبنائه بصرفهم عن عملهم الأساسي لأعمال أخري .
والأحاديث الكاذبة لنشر الفوضي مثل الحديث عن عدم توافر سلعه والتي هي متوفره , أو التهويل من وجود مرض أو كارثة أو التشجيع علي عدم الإلتزام بقرارات الدولة , وفي المجمل هو كل أسلوب حقير وكذب ونشر كل من من شأنه خلق زعزعه وخوف لأبنائه .
وهؤلاء هم أفسد أهل الأرض , هم أسوأ ما خلق الله , بالرغم أنهم يصلون ويصومون ويتسترون بالدين , ولكنهم خائنون , الخيانة هي في دمائهم .
فما الذي يجعلك تدافع عن عدوان دولة ضد أخري بل ودولة تهدد بلدك يا أحقر خلق الله , كيف تري الإسلام في تلك الدولة وتريد أن تنصرها لأجله وهي التي لا تعمل به وأنت تعلم ذلك , وفي المقابل لا تري الإسلام في بلدك .
كيف تري أن احتلال الأوطان من أجل السيطرة علي مقدراتها من غاز وبترول هو شيء حلال لأنه من دولة أنت أتبعت فكرها بوهمك أنها دولة مسلمة , كيف تسيء للإسلام نفسه برضائك عنها ودفاعك عن توجهاتها .
هل تعتقد أن تلك ليست خيانة للوطن ؟
إن خيانة الوطن من أسوأ الخيانات , لأن الإنسان فرض عليه الدفاع عن وطنه , وإن مات فهو شهيد , وأنت تحارب وطنك , ولا تجد في ذلك غضاضه .
تحاربه بالقول والفعل , تريدون منا أن نحارب أثيوبيا ولا تريدون منا أن نحافظ علي حدودنا الغربية , تريدون ألا نشتري أسلحة من أجل الدفاع عن وطننا.
أي بشر أنتم , بل أي حقراء وأي وضاعة أنتم فيها . ليس هنا مسألة خلاف في الرأي الذي لا يفسد للود قضية .
لأنه لا يوجد ود , فالقضية الحقيقية قضية وطن ووجود , ليست خلافا للرأي أنه خلافا علي من يحمي الوطن ومن يريد أن يضيعه .
كم تحدثتم عن الذين يموتون من جنودنا مدافعين عنه في سيناء شهداء بأنه كلام كذب وأن إعلام مصر كاذب ولا يوجد قاتل وأن الجيش يقتل بعضه , ثم علمتكم يقينا أن من يقولون ذلك يكذبون عليكم وظهرت جبهه النصرة وغيرها تعترف بالعمليات وبقتل الشهداء من جنود الوطن , ورغم يقينكم بأنكم كنتم تكذبون وعلمتم الحقيقة لم تتغييروا ولم تتعاطفوا مع أبناء وطنكم ولم تدعوا لهم بالرحمة , لأنكم خونة .
أما هم ففي الجنة لأنهم ماتوا من أجل الدفاع عن الأرض والعرض . ولن تمس النار أعينهم أبدا لأنهم باتوا يسهرون من أجل حماية وطنهم . وسيظلون في قلوبنا لأنهم صحوا بدمائهم حماية لنا .
وأنتم الخونة وقد قال الله تعالي ( إن الله لا يحب الخائنين ) وهم الذين يخونون العهد فما بالنا إذا كانت الخيانة من نفس أبناء الأرض التي تربوا عليها وأكلوا خيرها .
و نهانا الرسول صلي الله عليه وسلم عن الخيانة حتي لمن خاننا قبل لأنها خسة و ندالة .
فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك “.
لقد خسرتم الدنيا والآخرة فالخائن لا يؤتمن , والخائن لا يصدق , والخائن أحقر ما خلق الله .
و إعلموا أنكم لن تغيروا شيئا , ولن يكون لصوتكم آذان , ولن يكون لحياتكم قيمة , وستذهبون وكأنكم غبار ولكنكم ستلاقون ربكم بالذنوب والخطايا , وستدخلون جهنم داخرين ,
ومصر ستنتصر بقلوب أولادها وبعلمهم وعملهم , وستظل أبد الدهر شامخة محفوظة من كل شر . فلا نامت أعين الجبناء .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى