اخبار عاجلةتحقيقات و تقاريرمتابعات

فقير ولكن ..؟؟

بقلم / أحمد عارف

سافرت اكثر مما سافر السندباد ، وشاهدت اعظم المدن ، والبحار، وقابلت حمقى يتصورون أنهم يوجهون العالم ، ودخلت اغنى القصور، وأفقر الأكواخ ، واستمعت إلى منطق الفلاسفة، وهذيان العشاق ، وجربت النجاح والفشل ، والحب والكراهية ، والغنى والفقر ، وعشت حياة مليئة بالتجربة والسفر، والقراءة والتأمل ، لكنني اعترف بأنني لم اكتشف معنى السعادة إلّا من خلال هذه اللحظات التي كنا نسجد فيها لله شكرا على شربة ماء بعد صوم يوم طويل ، في هذه اللحظة علمت أنه ليس للفقير معدة أصغر من معدة الغني ، ولا للغني معدة أكبر من معدة الفقير، فكلنا سواء ، بل يمكن أن أشعر بالسعادة وأنا أتذوق طعم الماء الذى ينزل من الصنبور أكثر من الماء المعدني الذى يباع في عبوات مغلقة، أشعر حينها أن ماء الصنبور فقير، ولكن يمتلك الحرية ، وماء العبوة غنى ولكنه مقيد .
إن مجتمعنا اللئيم يخلق أسباب الفقر والعاهة من جهة، ثم يحتقر المصابين بهما من الجهة الأخرى، وبذلك ينمي فيهم عقداً نفسية لا خلاص منها ، إن هذا الشعب لابد أن يكون أحد اثنين.. إما شعب يكره نفسه لأنه رغم ما يشيعون عنه من انه مصدر السلطات يأبى أن يصلح حاله ، ويعالج مصابه ، ويزيل عن نفسه ذلك القيد الثقيل من الفقر.. والجهل.. والمرض.. وإما أنه شعب زاهد، قد تعود ذلك البؤس الذي يرتع فيه، والحرمان الذي يأخذ بخناقه ، الفقر اليوم أصبح قضية يعانى منها المجتمع الهذيل ، المجتمع الذى بات جوعان وأرضه مليئة بالخيرات الكثيرة، ولكنها مسروقة ، ولكن السؤال هنا.. من الفقير ؟ هل كلنا فقراء ؟ والأفضل من ذلك .. هل نرى أنفسنا فقراء ؟
إن الإجابة على هذا السؤال يمكن أن تأخذ وقتا طويلا ،ولكن من الذى سيجيب !!!
هناك من يرى أن الفقر مشكلة كبيرة ، ولذلك يبحث لها عن حلول ، أما من يرى أن الفقر ليس مشكلة، فلن يسعى لرفضه ، ولا لحله ، فالقناعة هنا هي الفيصل بين هذا وذاك ، فلا الفقر يستطيع إذلال النفوس القوية، ولا الثروة تستطيع أن ترفع النفوس الدنيئة، فكل منهم له هويته وكرامته وعفته ، بل يمكن ان ترى الفقير أعف من الغنى .
وختاما يجب أن نكون قد وصلنا إلى المعنى الحقيقي للفقر ومن يرى !!!!
فالفقر في النفسِ لا في المالِ نعرفه ، ومثل ذاك الغني في النفس لا المال، رب علم أضاع جوهره الفقر.. وجهل غطى عليه الثراء ، قيل للحسين بن على رضي الله عنهما: إن أبا ذر رضي الله عنه يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة. فقال: رحم الله أبا ذر.. أما أنا، فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن غير ما اختار الله له.
طوبى للفقراء وأنا منهم ،فبفضلهم نتقرب إلى الله، فقير ولكن سعيد،فقير ولكن ..؟؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى