أدب

حواء .. والعشق في الشعر النسائي

تعقيبي على المقال الإسبوعي للناقد الأكاديمي الجليل أ.د.أحمد فرحات بعنوان “هكذا تعشق النساء “:

حواء .. والعشق في الشعر النسائي

======================

بقلم 

الشاعر.عباس محمود عامر

“مصر”

  خلق الله حواء لتكون أما لكل ما يحيه من البشر لذلك سميت حواء .. وحواء تلك المرأة التي خلقت بكتلة من المشاعر لو تحركت وتفاعلت هذه الكتلة لتغيرت نواميس الكون كله .. هذه المشاعر تكمن في روحها وتنطلق بدافع حب الروح.

والمرأة الشاعرة هي التي تفجرت في دواخلها الروح الشاعرة .. لتنساب المشاعر في حروف تلقائية تلمس وجدان المتلقي ليتفاعل معها في نفس الشعور .

“كما يصير الخمر في الماء كالسائل الواحد

ذاب حبك في جسدي وصار كيانا واحدا”

هذا جزء من نصوص شعرية كتبت باللغة الهيروغليفية منذ عصر الفراعنة .. ليؤكد أن المصريين القدماء هم أول من كتبوا الشعر والأغاني منذ بزوغ فجر الحضارات ..حيث ظهرت نماذج من الشعر النسائي في الحضارة الفرعونية منقوشة على جدران المعابد ترجمت إلى اللغة الإنجليزية ومنها إلى اللغة العربية .. منها قصيدة الشاعرة “نفتيس” التي كتبتها إلي “أوزوريس” الذي كانت تعشقه آن ذاك .. منها هذه السطور: 

“أحضر توا يا سيدي..

يا من ذهبت بعيدا

أحضر لكي تفعل ما كنت تحبه تحت الأشجار

لقد أخذت قلبي بعيدا عني آلاف الأميال

معاك أنت فقط أرغب في فعل

أحب إذا كنت قد ذهبت إلى بلد الخلود

فسوف أصحبك

فأنا أخشي أن يقتلني الشيطان ست

لقد أتيت هنا من أجل حبي لك

فلتحرر جسدي من حبك” .

  لكن في الحضارة السومرية التي ظهرت في جنوب العراق كانت أقدم قصيدة نسائية في التاريخ كتبتها الشاعرة والمغنية السومرية “بلبالة السومرية” منها هذه السطور:

“أيها الأسد الحبيب إلى قلبي

جمالك باه حلو كالشهد

لقد أسرت قلبي فدعني

أقف بحضرتك وأنا خائفة مرتعشة.

أيها الأسد ستأخذني إلى غرفة نومك،

أيها العريس دعني أدللك

فإن تدليلي طعم وشهي

وفي حجرة النوم الملأى بالشهد

دعنا نستمتع بجمالك الفاتن.

فأبلغ أمي وستعطيك الأطايب

أما أبي فسيغدق عليك الهبات

وروحك، أنا أعرف كيف أبهج روحك،

وقلبك

وإنك لأنك شهواني

هبني بحقك شيئاً من تدليلك وملاطفتك.

موضعك جميل حلو كالشهد فضع يدك عليه

قرب يدك عليه كرداء الجشبان”

هذه السطور الشعرية المكتوبة باللغتين الهيروغليفية و السومرية تعد النواة الأولى للشعر النسائي على مر التاريخ وحتى وقتنا هذا .. إذ نكتشف من هذه النواة أن الشعر النسائي القديم كان أكثر جرأة وبهاء من الشعر النسائي في عصرنا الحديث رغم التقدم الحضاري والثقافي للإنسانية .. وهذا يرجع إلى تأثر الشاعرات بالفكر المجتمعي الذي اضهد المرأة بفعل العادات والتقاليد والأعراف البالية .

كل التحايا العطرة لكل شاعرة في العالم استطاعت أن ترفع راية الشعر في زمن عز فيه الشعر النسائي رغم القيود المفروضة على المرأة. 

 مهما نقول عن مقالاتك دكتورنا الجليل.. لا يوفي القول ما تستحقه موضوعاتك التي تنبش في ذاكرتنا في كل مرة .. لتبرز لنا أجمل ما قرأنا من ثقافات في السنوات الماضية.

الشاعر. عباس محمود عامر

“مصر”

===================

هكذا تعشق النساء 

بقلم

أ د.أحمد فرحات 

تغنى الشعراء بالمرأة منذ عرف الناس الشعر، وكانت مصدر إلهامهم في قصائدهم الخالدة، ومن خلال شعر الشعراء في المرأة تعرفنا على الحب. أما المرأة فإنها جنحت بخيالها إلى الرجل معشوقا ومحبوبا في القديم والحديث معا، ففي القديم حفظت لنا كتب التراث شعر المرأة في المحبوب، وعرفنا أسماء خالدة كولادة وحفصة ومهجة وغيرهن، وفي الحديث جاءت د. حنان الصناديدي لترسم لنا صورة الرجل معشوقا ومحبوبا، فقالت:  

حنان الصناديدي

كَمْ مَرَّةٍ أَقُولُ: لَنْ أُسامِحَكْ !!!

وحِينما تَعودُ باكيًا مُبَلَّلَ الجَناحِ

– يا أنا –

أَبْكي مَعَكْ

قُلْ لي بِرَبِّ الكَوْنِ

يا مُعَذِّبي

.. يا طِفْلَ رُوحي

.. يا حَيِيَّ الخَطْـوِ :

مَنْ ذَا رَوَّعَكْ ؟!

مَنْ أَفْزَعَ الأَطْيارَ فِي عَيْنيكَ واجْتَثَّ الشَّجَرْ ؟

.. أَتُراكَ ضَيَّعْتَ القَمَرْ ؟

وأَتَيْتَنِي كَيْما أُحَلِّقَ بَيْنَ أَعْشاشِ النُّجُومِ لأزْرَعَكْ ؟

ارْفَعْ عُيُونَكَ واقْتَبِسْ مِنْ مُقْلَتَيَّ جَسَارةَ الأحلامِ

.. حَرِّرْ في دَمي سُفُنَ الأنينِ وبُثَّنِي الشَّكْوى

وجاءت من بعيد شريفة السيد لتتغنى بالرجل معشوقا ومحبوبا فقالت: 

يا سيدًا يمشي بقلبي مشيةَ العبقِ العنيدْ

أنا منكَ أُخلقُ من جديدْ

أبديةُ الآهاتِ تمطرُني شموسُكَ قهقهاتٍ ترفعُ الوجعَ المُدمَّى مِنْ سجلاتِ الزمنْ

أنا فيكَ أقسمُ لا مِحَنْ

أنا فلسفاتٌ مارقاتٌ في ذُرَى أنقَى نشيدْ

أخطُو بكلِّ العنفوانِ على جسورِ التهلُكةْ

كي أزرعنـَّك سهرةً ورديةً عُمْقَ الرِّئةْ

مصباحيَ المفتوحُ شباكًا عليكَ

وإن مضَى دهرٌ فلا لنْ تُطفئَهْ

أنا لا تُشابهُني امرأةْ..

وإذا كانت د. حنان الصناديدي ساوت بين الرجل وبينها عندما قالت له (يا أنا) فإن الشريفة السيد قد أبدت لنا صورة لنفسها أكثر من صورة الرجل.

وتفاجئنا هبة السيد عبد الوهاب بصورة مغايرة، حيث توصيه وصايا لا تخل من العمق والحزن، وفي وصاياها تلمع عيناك وأنت تذرف الدمع من أثر الكلمة ووقعها الحزين. فالوصايا مبللة بالدمع القاني القاسي.

حين تُقابلُ ظلّي فوق فراشِكَ

حين تراني أنمو في أصيصِ الزّهرِ المُهملِ في التّراسِ

.. برغم تجاهلك الواضح أن تمنحَها قطرةَ دمعٍ بعد فراقي

ترويها أمطارٌ تحنو،

في ذكرى ليلةِ ميلادي بين يديكَ..

وهذا التاريخ الغاشمُ

عمدًا ينسي

لكني أُقسمُ

أن أغرسَ سكينَ الذكرى في قلبِ جميع الأقرانْ

أما دعاء رخا فإنها تحار في أمره، فمن أين أتاها؟ من الواقع أم من الحلم طل عليها؟ ومن أي سحابة هطلت عليها ذرات مطره، وتصور الرجل صورا في الماوراء غيبية لها وقعها وأنينها.   

قل لي بربِّ الكونِ مِمَّ أتيتَني؟

مِن أيّ مُزنةِ جنةٍ

أمطرتَني؟

أدري بأنّ الحُلمَ نُطفةُ واقعٍ

قل هل حملتُكَ؟

أم إليك حملتَني؟

بل قل ..

أما نَجنيه في الدنيا هو المكتوبُ نجني،

لو فرضنا .. أن جُني؟

أم أنّ ما نحياهُ محضُ مُخطَّطٍ،

وبناؤهُ في (الماوراء) سينبني؟

يامن نبتَّ على ضفافِ تصوّفي

بات التّصَوّفُ للتفلسفِ ينحني

دعني خلالك ..

كي أكونَ؛ فلم أكنْ

دعني أكونُك .. مثلما

قد كنتَني

وهذي جيهان بركات تنتظر حرارة قدومه انتظارا ، وتترقب خطوه بكل حب.. 

وحدي بالمقعدِ أنتظرُك

بالركن الشاغرِ مُهْمَلَةٌ

بيتي، لكنْ..

حين يحيطُ غيابُك بي..

أُنْزَع من كوْني

من ذاتي

وأحسُّ عراءً وخَواءْ

وتراودُني الدمعةُ

تسقطُ

لا تأبهُ للكُحْلِ بعيني!

ولأهدابٍ

كنتُ أقبِّلها خصيصًا بالفُرشاةِ

لتلثُمَ خدَّكْ!

************

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى