فنون و ثقافة

آخر الأوراق

شعر : خالد العريني

كاتب ومحلل سياسي

في حضرة القرن العشرين في العام الخامس والستين

في يوم من أيام تموز ولدت أوراق وجنين

كبرت تلك الأوراق صارت جبلا ً ويقين

أوراق تثبت إنسان وبدونها منفي ومهين

فلنبدء في عد الأوراق كل وريقة لها عشاق

كتبوها بمداد أسود يصنع خصيصا ً في الصين

أولها شهادة ميلاد تثبت أني حي يرزق

إذن كي يبدأ عمري وبدونها لا زلت دفين

وشهادات تثبت علمي في أوسطها وضعوا أسمي

لو فقدت سأصبح أمي لا أعرف صادا ً من سين

وشهادة خدمة وطنية وقيود تسبي الحرية

لا عملا ً يأتي لا سفرا ً وبدونها ستكون سجين

وبطاقة تسمى الشخصية كتبت باللغة العربية

إن تنساها يوما ً سهوا ً يلطمك الشرطي وأمين

وقسيمة عند المأذون يكتبها قلم مجنون

تثبت أنك صاحب عصمة وحقيقة أنك مسكين

وشهادة تعطيك الصحة في كتفي أعطتني الجرعة

وجواز للسفر مزركش وهنالك تدفع تأمين

فوضى في صورة منتظمة وملفات هي مكتظة

تلفظ أوراقا ً منتثرة وبلغت بسني العشرين

في ماضينا عصر حجري في حاضرنا عصر غجري

في الماضي كنا طلقاء واليوم قيود وأنين

ثرت  كما البحر الهادر ثارت نفسي سأسافر

وسبأحث عن وطن آخر لو كانت أرض التنين

سافرت بلادا ً وبلاد وكتبت سطورا ً بمداد

وسألقي بكل الأوراق وسأحرق كل الأشواق

وسأحي طليقا ً وبعيدا ً عن وطني وعن الأهلين

عرفوني بالكاتب أحمس عرفوني عدو الروتين

وبلغت بسني الخمسين

ورؤني أمزق أوراقي بين حدود الوطن الغالي

للداخل لن تخطو خطوه وستطرد وتكون مدين

عرفوا أني الكاتب أحمس قالوا من يثبت هذا

أعيوننا تكذب أحيانا ً ونصدق ورق تشرين

لا شئ يثبت أشياء أخلاقي علمي وحياتي تثبتها بعض الأوراق

وبلغت بسني التسعين

والخلق جميعا ً تعرفني عرفوني دون الأوراق

وبلا أوراق لست أنا قانون أصبح روتين

وحدودصنعت للإنسان عبرتها أمام الفئران

حدثت رئيس الحراس وعددهم فاق التسعين

أدخلني يا ابني بلادي اسمعني لازلت أنادي

يخبرني دون الأوراق لن أفعل يا أبن سنين

قد يرحم إنسان حيوان ويبيد أخيه الإنسان

فلنبكي للقاتل شفقة لحظة إعدام المسكين

فلنهدم كل جبال الكره ومحبة أحقاد سنين

ولنصرخ في وجه الإنسان ولآدم فالناس تدين

عبرت كلماتي وعبرت من خلفي يقف الحراس

قف لا تعبر لا تصنع أذنك من طين

قف ! .. دوت طلقات مدافعهم في ظهري عدد التسعين

وأزدادت أوراقي ورقة ألقاكم في بوم الدين

آخر ورقة من أوراقي صدرت معلنة لوفاتي

وأنطلقت روحي مرفرفة وجسدها في القبر سجين

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى