اخبار عاجلةتعليم و تكنولوجيا

الذين لا نعرفهم 

. بقلم / كواعب أحمد البراهمي

ذات يوم , وأنا خارج مصر , طلبت مني إحدي الصديقات تعليم قريبة لها اللغة العربية, حيث أنني أستطيع فعل ذلك كما أنها تعرفني جيدا وتطمئن لي , وتعلم أنني قوية في اللغة العربية .
وذهبت معها ووجدت أمامي سيدة جميلة تتحدث الإنجليزية بطلاقة رغم جنسيتها العربية وأنها علي قدر من الرقي في الزي وفي الحديث .
ووجدت أيضا أنها تتحدث العربي مكسر وتذكر المؤنث , وتؤنث المذكر , وبدأت معها علي أن آتي إليها في يوم الأجازة فقط – وبدأنا من الصفر أبجد هوز علي رأي ليلي مراد . وسألتها لماذا تريدين أن تتعلمي اللغة العربية بالرغم لاحظت كل كلامكم إنجليزي وخاصة أنها في سن والدتي أو تصغرها بعام , وإن كان مظهرها يبدو أصغر من ذلك .
فقالت لي : لأني أريد أقرأ القرآن الكريم بطريقة صحيحة .
فهي تقرأه من كتب القرآن التي نصفها باللغة العربية والنصف الآخر باللغة الإنجليزية . وتستمع للقرآن وهي تقرأ ووجدت أنها تهتم جدا بالتشكيل .
كما وجدت نفسي أمتلك مفردات كثيرة من اللغة الإنجليزية أستعين بها عندما أريد أن أشرح لها ماذا تعني الكلمات .
وكنت نتحدث أثناء و بعد أن ندرس وأكتشفت أنني جاهلة كثيرا في معلوماتي .
ومن بعض أحاديثنا قالت لي أن بعض الكلمات ننطقها مثل اللغة السواحلية وجنوب أفريقيا وتنزانيا .
وقلت لها : كيف لشعوب لا تعرف الغة العربية أن تصل إليها هذه المفردات .
فقالت : من القرآن الكريم .
و قالت لي أنها عملت في أماكن كثيرة في جنوب أفريقيا وجوهانسبرج .
و قالت لي أن أبنها الأكبر يقرأ القرآن جيدا , لأنهم يشترطون هناك أن يتعلم الأولاد والبنات القرآن وشرحه قبل الوصول إلي سن الثامنة عشر .
وقالت لي أنهم يشرحون لهم الأحاديث النبوية , حيث نشأ أولادها في دولة إفريقية حيث مكان عملها .
وتحدثنا عن صديقات لها من أوغنده وغيرها من البلاد درسن في الأزهر ويتحدثن كالمصريين , وعرفت منها أشياء كثيرة ,.
فلم أكن أعلم أن أحمد ديدات والذي قابلته هي مره واحده في حياتها قضي كل عمره في خدمة الدين .
وأنه وبمساعدة الآخرين المالية أنشأ أكثر من خمس مباني أبراج كلها تطبع القرآن الكريم والأحاديث وتقوم بشرحها بكل اللغات الصينية والهندية والفلبينية وكل اللغات التي نعرفها والتي لا نعرفها .
وأن أي شخص بالعالم إذا أراد كتبا يراسلهم فيرسلون له مجانا إلا من تكلفة البريد .
عرفت منها أن الناس الذين يريدون أن يعملوا للدين يعملون في صمت ودون ضوضاء , علمت أن للدين حراسا كما له أعداء .
علمت كم نحن مقصرين في حق أنفسنا وفي حق الغير .
علمت أننا جهلاء بالتعصب والمشاكل وعدم الرضا والتناحر علي الدنيا .
في الوقت الذي يعيش فيه بعض الناس وينفق ماله ووقته لخدمة الدين .
علمت أن الأجانب الذين نتعالي عليهم بديننا يحتاجون فقط لكلمه حسنة أو سلوك طيب ليدخلوا في الإسلام ويعرفوا الإسلام .
ببساطة شعرت أنني جاهلة , فليس العلم أنني أقرأ وأكتب .
العلم هو أنني أعمل شيئا مفيدا بما علمت .
وتحدثنا عن أشياء جميلة قالت لي إنها تحب محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ الذين أحبهما أيضا وأنها تسمعهما.
فسألتها وكيف تفهمين معاني الكلمات ؟ وانتي لا تفهمين اللغة العربية ؟
فأجابتني إجابة زعلت منها وفرحت بنفس الوقت قالت : لا أفهم ما يقول ولكني أحبه .
فعلمت أيضا أن الفن ليس له أرض , وأن الحب هو منحة من السماء يمنحها الله لمن يشاء , بغض النظر عمن يقولون الغناء حلالا أم حرام .
تعلمت أن السن لا يكون عائق وأن سيدة في هذه السن تريد أن تتعلم اللغة العربية من أجل القراءة السليمة للقرآن .
وأدركت مدي تقصيري , مع نفسي ومع الله .
فاللهم إني أسألك رضاك ورحمتك والجنة .
وإن كنت تمنيت أن تفهم ما يقول .
حقيقة ذهبت إليها وكأني سأقوم بشئ لها . وهو أنني سأعلمها .
ولكن الذي حدث أن تعلمت أنا منها الكثير , يكفي أنها في هذه السن وتحاول حفظ القرآن الكريم

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى