اخبار عاجلةتحقيقات و تقاريركتاب و مقالات

مشكلة المياه

بقلم / كواعب أحمد البراهمي

تحدث الكثيرون عن مشكلة سد النهضة , وأبدي الكثيرون مخاوف عديدة من الجفاف أو التصحر , وحارب الكثيرون فكرة بناء السد , من منطلق الخوف علي أن يقل الماء بالنيل أو لا نجد ماء نشربه .
وتحدث الكثيرون عن ما حدث من جفاف في عصور سابقة وصلت فيها الحال أن يشرب المصريون بول الأبل والحمير ويأكلون الكلاب , وتحدثو عن أيام المستنصر وما حدث من دمار وخراب بسبب الجفاف ونقص الماء والسبع سنين العجاف أيام سيدنا يوسف , وكيف أستطاع قلة من البشر تحمل نقص المياه ونقص الغلال والطعام .
أما حديثي أنا فلن أتناول المشكلة من هذا المنطلق ولا من تلك النقطة , أنا أعرف جيدا أن مصر لن تسكت لو فكرت أثيوبيا في شق أنهار أو توصيل مياه قبل السد إلي أماكن أخري حتي داخل أثيوبيا نفسها . ولم تحترم إتفاقية الماء .
وأعلم جيدا أنه في حالة منع الماء بطريقة تقضي علينا ستكون هناك حرب , فالموت من أجل الحفاظ علي الحياة أفضل من الموت لعدم إستطاعة الحياة .
المهم أن ربنا سبحانه وتعالي ينعم علينا بفيضه وكرمه , فكما تحدث السابقون عن الجفاف وكيف أنه حدث في الزرع والضرع ومن منبع الماء نفسه . يتحدث الحاليون عن الحلول الممكنة فربما نحن حاليا لدينا من التكونولجيا ما نستطيع به تحليه مياه البحر علي سبيل المثال . وفعلا لدينا حاليا أكثر من محطة تم إنشاؤها حديثا .
ولكن هناك مشكلتين من وجهه نظري بنفس الخطورة ولم يتم مناقشتهم . الأولي وهي ما يطلق عليه الأيسون – والذي علمت أنه عبارة عن ماسورة تسحب مياه المجاري ومياه الصرف الصحي الملوثة إلي باطن التربة .
بالله عليكم هل رأيتم شخص يقتل وسائل الحياة لأولاده . كان قديما يستطيع الفلاح أن يدق طربمبة داخل منزله أو غيطه ويحصل علي ماء نقي يشرب منه ويطبخ منه ويسقي حيواناته وزرعه . فكيف الآن وقد لوثنا ماء باطن التربة . كيف لا يتم إستصدار قوانين بمنع تلك الكارثة . كيف لا يتم توصيل الصرف الصحي إلي كل مكان , أو وجود حل يغني الناس عن هذا الحل القاتل . وربما كما ندمر المياة ونلوثها قد يتسبب وجود تلك المياه الملوث في إتلاف الزراعة أو أنهيار لقشرة التربة , أو إنتشار أمراض لا علاج لها .
كيف نستمر في إتلاف كوكبنا وقد أتلفنا الغلاف الجوي وتسببنا في ثقبه بالغاز والعوادم وتسببنا في رفع درجة الحرارة , وفي الإحتباس الحراري . وقمنا بتهجين الخضار والفاكهه , وحصلنا علي أشياء لا طعم لها , وأطعمناها بهرمونات تسبب لنا أمراض خطيرة . وكلما تدخلنا في الطبيعة أتلفنا وأفسدنا ما نتدخل فيه .
أما الحالة الثانية ولنفرض جدلا ما هو التصرف في حالة إذا قلت المياه مثلا , أوحتي لم تقل وقررت التماسيح الملايين الموجوده خلف السد الخروج . هل نحن مستعدون لذلك الأمر . لا يمكن تسميم ماء النيل ولا يمكن القضاء عليها وهي داخل النيل ويقال تعدادها يصل لملايين وتتكاثر , بل وتقضي علي أطنان من السمك التي ممكن أن تكون مصدر غذائي مهم للإنسان .
كما أن السكان الموجودين علي جانبي النيل ما وسيلتهم في الدفاع عن أنفسهم , وماذا أذا خرجت تلك التماسيح للمزارع وانتشرت . واكلت البشر العزل والأطفال – هل سنستعين بطائرات مثلا وهل الطائرات ستسيطر علي كل تلك التماسيح أم نقتلهم بداخل النهر ونلوثه . ربما أفكاري لا تستند علي واقع قوي , ولكنها مجرد تكهنات .
ولكني أخشي أن لا يكون أصحاب القرار ليسوا بالقدر الكافي من الذكاء , لأننا للأسف لا ندرس الأمور ثم نصدر القرار , ولكن نصدر القرار لحل مشاكل وقتية , ويكون الحل سببا في مشاكل مزمنة .
حقا يحزنني أن ألفين من الأراضي الزراعية عالية الجودة تم إتلافها ويأقيم عليها جامعة الأزهر بأسيوط . ويحزنني أن التوسع كان عن طريق البناء في أراضي خصبة ثم نعود ونستصلح الصحراء والتي تحتاج إلي كميات كبيرة من الماء , ولا تعطي نفس الجودة من الزراعة .
يحزنني أن مصانع الغزل والنسيج تم بيعها بعد أن أغلقت أبوابها سنوات ,وكانت مصر المصدر الأول للأقطان والملابس القطنية الممتازة الخامة , كنا في أول الدول ولكن أصبحنا نضع البوليستر والذي لا يتناسب مع أجوائنا في كل الملابس .وإذا أردنا قطنا جيدا نستورد من الخارج .
يحزنني أن مصنع النصر للسيارات والذي كان أقدم مصنع للسيارات في الشرق الأوسط ’ أنتهي وسرح عماله وأغلق أبوابه . يحزنني جدا أن كثيرا من الذين يكونون في موقع القرار وموقع المسئولية ليس لديهم العقل الراجح لإتخاذ قرار لصالح المجتمع والبلد . ويعتقدون أنهم لن يحاسبوا .
أما علي المستوي الإنساني والديني فللأسف لا يوجد إنسان يراعي ربه في النعمة التي أنعم الله بها عليه ويحافظ عليها إلا قلة قليلة جدا من البشر , فأغلبنا لا يرشد في الماء ولا في الحياة عموما , بعكس أهل الغرب والذين لا يقضون نصف أعمارهم يتحدثون في الدين ,إنما هم يعملون بالدين فقط , أو يعملون بمباديء الإنسانية والأخلاق . ولذلك تقدموا .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى