اخبار عاجلةكتاب و مقالات

مجزرة نيوزلندا 

بقلم / كواعب أحمد البراهمي

ما حدث في نيوزلندا لفت نظري إلي شئ مهم جدا , وهو كيفية إدارة الأزمات . وكيفية التعامل مع المشكلة . وكيف أن قلوب الذين نقول عنهم كفار ربما أطيب وأحن منا في التعامل مع المتضررين أو المجروحين .
ما توقعته وتوقعه الكثيرون أنه بعد الحادث الأليم في بيت من بيوت الله , أن يخرج علينا رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو أي مسئول , ليشجب الحادث ويندد به ويطمئن أهالي الضحايا أنه تم القبض علي القاتل وكفي .وأنه سيتم دفع تعويض مالي للتخفيف عن المكلومين ظ, مثلما يحدث في كل الدول العربية , والغير عربية .
ولكن ما حدث في نيوز لندا شئ خرافي , خرجت رئيسة الوزراء تخاطب الجموع وهي ترتدي الزي الإسلامي . وتطمئن المسلمين وتتحدث معهم في أماكن تجمعهم . وخرج معها الكثيرون من عامة الشعب لفعل ذلك . أرتدت السيدات الأخريات الغير مسلمات الحجاب تضامنا فقط مع المسلمات وإعترافا بحقهن في إرتداء ما يشئن من الملابس .
خرج رئيس دولة النمسا ( فان دير بيللين ) و تحدث عن العنصرية والكراهية ضد الإسلام وقال عبر شاشات التلفاز قولا غير مسبوق ولا حتي في الدول الإسلامية :
( من حق كل إمرأة أن ترتدي ما تشاء من الملابس , كل مسلمة من حقها إرتداء الحجاب وإذا أستمر التحريض ونشر الإسلاموفوبيا فسيأتي اليوم الذي نطلب فيه من جميع نساء النمسا إرتداء الحجاب كنوع من التضامن مع النساء اللاتي يرتدين الحجاب لدوافع دينية ) .
في الوقت الذي تقوم فيه بعض النساء في مصر بتصرفات غبية للمطالبة بنزع الحجاب وتحرض علي ذلك .ولا تكتفي بأن تخلعه هي , بل تريد مظاهرات من أجل ذلك .
ولم تكتفي رئيسة الوزراء بالظهور والحديث بعد الأزمة مباشرة بل إستمرت في الذهاب لأسر الضحايا مرات عديدة وهي ترتدي الحجاب , للتحدث معهم وطمأنتهم .
أباحت الدولة رفع الآذان في الشواع العامة والميادين الكبيرة علي مرأي ومسمع من الجميع . كما تكفلوا بإحاطة المساجد بالشرطة من أجل تأمين المصلين , وهذا ما نريده فعلا .
ولكن لم يكن التصرف تصرف حكومة تريد أن تحافظ علي شكلها أمام المجتمع الدولي.
بل أنه شعور ينبع من المسئولية والإحترام للنفس أولا ثم للآخرين حتي أن الشعب نفسه كان شعوره وتصرفه فوق الوصف , لم ينشغل بإهتماماته رغم أنهم لديهم ما يشغلهم فعلا , ولكن ذهبوا للمساجد وجلسوا وأستمعوا , وحاولوا معرفة الحقيقة ومعرفة شئ عن الإسلام .
إنهم ليسوا مثلنا , ليسوا يسمعون فيصدقون ويزيدون وينشرون طبقا لوجهة نظرهم ليسوا مثلما تفعل الببغاوات .
أنهم متحضرين و محترمين فعلا يحترمون أنفسهم وعقولهم , ويحرمون الآخرين ومشاعرهم . وذهبت النساء فرادي وجماعات وهن يرتدين الحجاب لأسر الضحايا ولا زالت تذهب إلي الآن للمؤازرة .
حتي علي المستوي الأقل قال فاتو زعيم عصابة “مونغريل موب”، سندعم ونساعد إخواننا وأخواتنا من المسلمين مهما طالت مدة حاجتهم إلينا. وقال لقد اتصل بنا أحد الأشخاص وقال إن بعض إخواننا وأخواتنا المسلمين يخافون من أداء الصلاة في المسجد يوم الجمعة”.وسوف نؤمن صلاتهم .
لقد تعهد أكبر زعيم عصابة بأنه سيحمي المصلين في المساجد تضامنا معه مع الأقلية المسلمة التي تمارس شعائر دينها , بالرغم أنه غير مسلم , ولكنه بدعم الجالية المسلمة في البلاد، وحماية المساجد المتواجدة في مناطقها، وكذلك عصابتي “كينغ كوبرا” و”بلاك باور” تعهدتا بتقديم الدعم أيضا . ونظمت أيضا عصابات في أستراليا دوريات حراسة حول مساجد في سيدني .
ليتنا نتعلم كيف نتعامل مع الأزمات بالقلب والعقل , وليتنا نتعلم ألا نصدر أحكامنا جزافا علي البشر عموما , صحيح في الوقت الذي يستهين ترامب وأمريكا بكل ماهو إنساني وبدماء البشر ,ويستهين العرب بدماء العرب الآخرين , ويقتلون بدم بارد , دون أدني إحساس بالشفقة .
نجد من يقول نحن ها هنا نعلمكم الإنسانية التي لم تريدوا أن تتعلموها من دينكم . تحية لكل إنسان يعرف معني الإنسانية أيا كانت ديانته أو طائفته أو بلده .تحية لنيوزلندا رئيسا وشعبا , وقد كان حادثا مؤلما , ولكنه سيكون سبب هداية وبشري للكثيرين بإذن الله .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى