اخبار عاجلةكتاب و مقالات

كيس العمر … و الصياد

كتب السفير الدكتور فوزي الحبال
في أحد الأيام و قبل شروق الشمس .
وصل صياد إلى النهر ، وبينما كان على الشاطئ تعثر بشئ ما وجده وعندما نظر فيه وجده عبارة عن كيس مملوء بالحجارة الصغيرة ، فحمل الكيس ووضع شبكته جانبا ، وجلس ينتظر شروق الشمس ليبدأ عمله .
حمل الصياد الكيس بتكاسل ، ﻓﻤﺪ ﻳﺪﻩ ﻭأخذ ﺣﺠرا ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻭألقاه ﻓﻰ اﻟنهر ﻓأعجبه ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭة ﻭﻫﻰ ﺗﻘﺬﻑ ﻓﻰ ﺍﻟنهر ، فأعاد ﺍﻟﻜَﺮّة ﻣﺮة أخرى وظل يقذف الحجارة ﻓﻰ ﺍﻟنهر ، ﻷﻥ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ، ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟرجل ، ﻭﻛﺎن ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ، ﻭﺑﺪأ ﻳﺘﻀﺢ ما فى ﺍﻟﻜﻴﺲ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺠﻮﺍﺭه .
ﺣﺘﻰ ﻣﺎ بقي ﻓﻰ ﺍﻟﻜﻴﺲ إلا حجر واحد ﻭﻗﺪ أﺷﺮﻗﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻨﻈﺮ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﻫﺬا ﺍﻟﺤﺠر ﻓﻮﺟﺪه ” ماسا ” ، ﻭﺍﻛﺘﺸﻒ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ألقاه فى النهر ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﺎﻧﺖ ” الماسا” ﻭﻟﻴست ﺣﺠارة !!
ﻭﻇﻞ الرجل ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻨﺒﺮة ﻧﺪﻡ يالغبائي .
صعق الصياد فلقد رمى كيساً كاملاً من الماس في النهر ، ولم يبق سوى قطعة واحدة في يده ؛ فأخذ يبكي ويندب حظّه التّعس إنه أهدر ثروة كبيرة كانت ستقلب حياته رأساً على عقب ، ولكنّه وسط العتمة رماها كلها دون أدنى انتباه .
لم يعلم الصياد أنه محظوظ بالنسبة لغيره ، فهو ما يزال يملك ماسة واحدة في يده فقد انتشر الضوء قبل أن يرميها .
وهذا لا يكون إلا للمحظوظين وهم الّذين لابدّ للشّمس أن تشرق في حياتهم ولو بعد حين ، وغيرهم من التعسين قد لا يأتي الصباح والنور إلى حياتهم أبداً ، يرمون كلّ ماسات الحياة ظناً منهم أنها مجرد حجارة .
أصاب الصياد الاكتئاب ولم يعد يعمل بل لم يقم ببيع الماسة الوحيدة التي تبقت معه والتي كان بإمكانها أن تؤمن له مقداراً جيداً من المال ليبدأ به حياة جديدة ، لم يدرك الصياد أن الحياة بأكملها كنز والمهم ما يتبقى منه لا ما يضيع من كنزها .
لندرك أن اكتشافنا الخطأ أو أننا نسير في الطريق غير الصحيح أفضل من أن نعيش الخطأ ونسير بشكل خاطىء طوال حياتنا ، ولنتخيل دوماً أن حياتنا كومة من حجارة الماس هذه وأن نلحق حجراً واحداً أفضل من أن نرميها كلها وتضيع هباءً منثورا .
للأسف الشديد كلنا هذا الرجل :
(كيس ﺍلالماس ) ﻫﻮ العمر الذي نلقي به ساعة وراء ساعة دون فائدة .
(ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ) هو متاع الدنيا الزائل وشهواتها .
( ظلام الليل) هو الغفلة التى نعيشها .
– (ظهور الفجر) هو ظهور الحقيقة “فكشفنا عنك غطاءك” ، وذلك عند الموت ، حيث لارجعة .!
من الآﻥ ﻛﻦ ﻳﻘظا ولاتضيع أوقاتك وجواهرك بلا فائدة .
فتندم حيث لاينفع الندم .
اللهم أيقظنا من غفلتنا ، وبصرنا بالحقيقة .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى