اخبار عاجلة

فشل العلاقات

بقلم / كواعب أحمد البراهمي

في زماننا الحالي يوجد حالات فشل كثيرة جديدة لعديد من العلاقات الإجتماعية . وعلي كل المستويات , ولم يفكر أحدنا بسؤال نفسه لماذا تفشل العلاقات ؟ أو ماذا نفعل للحفاظ علي تلك العلاقات . .

لو بحثنا في العلاقات عموما بين الزوج وزوجته .وبين الأباء والأبناء وبين الأخوة وبعضهم البعض وبين الأصدقاء . عن سبب انقطاع العلاقات . وتوترها واختفاء الود .لوجدنا أسباب بعضها يستحق فعلا أن يكون سببا في قطع العلاقة , ولكن أغلبها أسباب واهية لقطع العلاقة أو إنعدام التواصل . ولعل من أهم الأسباب من وجهه نظري هو مبدأ المعاملة بالمثل .وذلك لأن قيام أي علاقة كان له سبب من التقارب أو التفاهم أو صلة القربي أو صلة الجيرة , ولكن عندما نعامل البعض بمثل معاملته فإننا نخسره .

وتلك حقيقة فدائما نتعامل معاملة حسنة . وعندما لا نحصل على مقابل لها معاملة حسنة .نتغير. و نصبح مثل الآخرين .

فنقسو مثلهم ونسيئ اليهم مثلما أساءوا لنا . وقد نجرحهم مثلما جرحونا . وقد يزيد الأمر لأكثر من ذلك .

وقد يسأل البعض لماذا نهين كرامتنا و نقبل منهم الإهانة والمعاملة السيئة .

أنا طبعا لا أقصد بكلامي تقبل الإهانة ولا الرضاء بالذل .

ولكن اريد ان اقول الحد الأدنى من المعاملة الطيبة يصلح النفوس الطيبة .

وأقصد أن يكون التعامل محكوما بالتعامل مع الله أولا .ثم يندرج إلى التعامل مع الآخرين .

فمثلا عندما يعامل الزوج زوجته أو تعامل الزوجة زوجها .

لو وضع كل منهما في اعتباره أنه يتعامل بما أمر الله به ولوجه الله أولا . ويبتغي رضاء الله اساسا .

فيفعل ما أمر الله به . دون انتظار لتقدير من الطرف الآخر .

ودون حسابات للنفس عن لماذا أنا دئما اتنازل ولماذا أنا دائما أضحى .

ولماذا أنا دائما افعل الخير ويعود علىّ شرا .

عندئذ الأحوال ستكون افضل .

وكذلك في التعامل مع أهل الزوج أو أهل الزوجة .

لابد أن يكون التعامل من منطلق أنا افعل ما يرضي الله . ولا أنتظر ردة الفعل .

ومثلا بين الأزواج اهتم بنفسي وبمنزلي حتى لو رأيت أن الطرف الآخر لا يهتم . فبقليل من الصبر ينعدل ميزان الحياة . وشيئا فشيئا سيشعر الطرف المقصر بأن الطرف الآخر يستحق منه الاهتمام والحب والتقدير .

وكذلك التعامل مع الأقارب أو الأصدقاء .

فاغلبنا عندما يتعامل بأسلوب حسن مع الأقارب ويسأل عنهم قد لا يجد ردة الفعل المناسبة لتصرفه .بل ربما يقابل بالبعد والجفاء.فيقرر أن يبتعد .

وقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلة الرحم ..

(لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ، وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا) رواه البخاري في صحيحه، وفي لفظٍ عند أحمد في مسنده: (إِنَّ الرَّحِمَ مُعَلّقَةٌ بِالعَرْشِ، وَلَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ…).

فيجب أن يسأل الإنسان عن القريب ابتغاء وجه الله . وليس طمعا في ردة فعل حسنة .

وكذلك مع الاصدقاء فلو كل صديق كان حريصا على الاحتفاظ بصديقه لتسامح ولتغاضي عن بعض الأخطاء .

ولحاول التقارب حتى لو كان الصديق لا يعامله بنفس المعاملة . ولأوجد و إلتمس الأعذار في حالة التجاهل من الطرف الآخر . ولوجد أسبابا كالانشغال أو التعب أو المرض .

كما إن أغلبنا يمل سريعا . فالبعض يحسن في علاقته في تعامله وفي حسن السؤال والمودة . وعندما لا يجد ردا يقرر أن يقطع كل ذلك .ويتعامل بالمثل .

وذلك السلوك وإن كان غير مستحب ولكنه لا يجب أن يكون إطلاقا مع الزوجين بعضهم وبعض أو بين الإخوة أو بين الأقارب .

فيكفينا أن الحياة الحديثة بمشاغلها وبما قدمته لنا من تطور وسائل التواصل باعدت بيننا .رغم أن المسمي لها وسائل التواصل الاجتماعي .ولكن الحقيقة والواقع هي وسائل التباعد الاجتماعي .

للأسف لم يتحدث البعض مع البعض . ولم ير البعض البعض .أصبح التزاور من النوادر حاليا .

بل أصبحت الواجبات الإنسانية والاجتماعية منحصرة في مكالمة أو رسالة على الواتس آب. أو تعليق في صفحة الفيس بوك .سواء أكانت تهنئة أو تعزية أو سؤال عن مريض .

لابد أن نحارب ميولنا في حب التباعد والذي يراه البعض درءا للمشاكل . لأن في اللقاء يحدث كلام كثير قد يسبب مشاكل . ولكن بقليل من الحكمة نجعل الحوار لا يتطرق إلى أشياء شخصية تضايق الطرف الآخر . وبقليل من الدين نجعل الحديث لا يتناول سيرة الآخرين ولا الخوض في اعراض الناس .

يكون اللقاء خفيفا مثمرا . ذلك يترك شعورا جميلا من الود والراحة النفسية في داخل المتزاورين.

لو رجعنا إلى ما قبل الموبايل والنت , وتذكرنا الذهاب لزيارة الأهل أوالأقارب أو الأصدقاء دون سابق اتصال أو ترتيب . وفرحة الطرف المزور بمن وجده على الباب . وبما في ذلك من بساطة الاستقبال و سعادة الترحاب. لوجدنا أن الماضي كان افضل كثيرا . لقد كان الناس يشعرون بالتقارب و بالحب وبالود فهل نستطيع أن نستعيد بعضا من هذا الزمن الجميل ؟ هل نستطيع أن نقتطع من إنشغالنا وقتا ولو كل شهر أو كل أسبوعين لنزور أحد الأقارب أو أحد الأصدقاء ؟ هل نستطيع أن نخلص حياتنا من النقد ونتباسط في المضايفة , ونكتفي بحسن الإستقبال والتحية العادية , دون إرهاق الميزانيات سواء للزائر أو المزور لنحافظ فقط علي بقاء الحب والود . أتمني .

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏كواعب البراهمي محامية بالنقض‏‏، ‏‏يبتسم‏، ‏‏لقطة قريبة‏‏‏‏

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى