أدباخبار عاجلةدين و دنياكتاب و مقالات

رمضاننا ورمضان الله 

بقلم / كواعب أحمد البراهمي

طبعا جميعنا يعلم أن الصوم هو ركن من أركان الإسلام الخمس , وأنه شهر واحد في العام , وأنه في حقيقته الإمتناع عن الطعام والشراب من الفجر وحتي غروب الشمس , وأنه يشمل الإمتناع عن كل ما هو يفطر من أفعال مثل الغيبة و النميمة و…و… وأن نزيد من قراءة القرآن وأن نقوم الليل نصلي .
وجميعنا أيضا يعرف الهدف من الصوم أو يجتهد في معرفة ذلك , فقد يكون هو طاعة لأمر إلهي دون نقاش , وثقد يكون وسيلة توصلنا للشعور بالفقراء والجياع , أو يكون تدريب للنفس علي التحمل , وقد يكون وقد يكون .
ولكن في المجمل لنا رمضان مختلف كثيرا عن رمضان الله , وللأسف لقد تعودنا علي الإهتمام برمضاننا أكثر من الإهتمام بما في رمضان من عبادات , وأصبحت لنا طقوسنا والتي نحييها أكثر من القيام وقراءة القرآن .
وبصراحة أغلبنا يفعل ذلك سواء كنا أشخاص عاديين , أو تجار بيع وشراء , أو جهات حكومية , أو برامج تلفزيونية ,أو حتي دعايات وإعلانات , ونستغل رمضان كأحد الطرق للمكاسب المالية , أو مسلسلات لسرقة الوقت , أو برامج فكاهية أو مقالب كوميدية وما إلي ذلك .
وذلك ليس جديدا علينا , فالإهتمام بشهر رمضان كان منذ القدم , ولكنه تطور وتطور حتي أصبح يبتعد عن الهدف من الشهر الفضيل . ولكن كانت الإهتمامات قديما بسيطة هي في إظهار الفرحة بالشهر وتزيين الشوارع والمآذن .
فمنذ القدم ودوما نحن نفرح بقدوم رمضان , وغالبا أيضا نعد له العدة , والتي أهمها ميزانية الطعام والإهتمام بالحصول علي أفضل الوجبات , وحتي بعض النساء تحب شراء أدوات مطبخ جديدة مثل أطقم لشراب العصير وأطباق جديدة وحتي لو لدينا الكثير منها وربما البعض يحب الشعور بالبهجة في شراء تلك الأشياء ومنهم أمي ربنا يبارك فيها , و يقوم البعض إن لم يكن الكل بما يتبعها من شراء مكسرات وأطعمة لذيذة . ناسين تماما أن هناك فقراء ربما لا يجدون الضروري من القوت .
وتختلف الإهتمامات بشهر رمضان كل علي حسب موقعه وإمكانياته , وتتسابق الدراما في عرض المسلسلات التي تذاع لأول مرة وتتسابق الشركات المتنافسة في عمل الإعلانات بملايين الجنيهات , والتي كان من الأولي صرفها علي الفقراء فعلا . وأن تلك الإعلانات لن تأتي بالمردود المتوقع منها رغم أن بعضها يحرص أصحابها علي إذاعتها قبل الآذان مباشرة , ويدفع مبالغ أكبر , ولكن أغلب المستمعين أو المشاهدين لا ينتظرون تلك العروض وتلك الإعلانات , بل بالعكس من كثرة الإعلانات البعض ينتظر الفواصل ليعد له كوب من الشاي أو العصير أو ليأكل شيئا .
أعترف أن السن له دوره في إختيار الأولويات , وأعترف عندما كنت صغيرة وكان رمضان يأتي في الصيف كنت أنتظر الفيلم في وقت الظهيرة , لاتغلب علي الوقت , وكنت أنتظر الفوازير والتلفزيون بارغم كانت هناك قناتين فقط , ولكن مع ذلك كان هناك متسع من الوقت للصلاة ولقيام الليل , لم يكن هناك الزخم الدرامي والإعلانات كما هو الحال .
وفي رمضاننا أيضا ما يحدث دائما وأبدا من تبذير في العزومات , أو من أصحاب المنازل أنفسهم فهو سيضيع ثواب الصيام , سوف يجعل الشخص يعمل الحسنات ثم يلقي عليها السيئات , ناهيك عن إرهاق البعض بما سوف يتطلبه المنزل من مخبوزات للعيد وشراء ملابس جديدة , فرمضاننا يحتاج إلي ثلاث ميزانيات فوق ميزانية الشهر العادي . وكثيرا ما تحدث مشاجرات وأذي وقد يصل البعض للطلاق في هذا الشهر الفضيل بسبب سوء التصرف .
ومع ذلك فنحن نحب رمضان وننتظره ولكن أتمني ألا يكون السبب في معصية الله , والإنفاق علي ما لا لزوم له , والتبذير والهدر في الطعام والشراب , أتمني أن تكون ربة المنزل قادرة علي معرفة متطلبات أسرتها دون تبذير , وذهاب الأكل المتبقي للقمامة , فالله سيسألنا عن كل ذلك وألا نحول حياتنا وفرحتنا به لنكد من كثرة الطلبات .
أتمني أن يكون رمضان فرصة للطاعة والعباة , والتواصل مع الأهل والأصدقاء دون التبذير والتسابق من قدم مأدبة أكبر أو كان عليها طعام أكثر ,وإدخار ما يزيد عن الإنفاق لمساعدة الفقير والمحتاج والبحث عن المستحق فعلا . أتمني أن يتقبل الله منا العمل الصالح وألا يكون فيه رياء . وأن نقتدي في سلوكنا بخير البشر سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم .
وكل رمضان وأنتم بخير

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى