أدبكتاب و مقالات

د/ ناصر السلامونى يكتب : نعرف ولا نعترف

د/ ناصر السلامونى
أضحك عجبا لأحوالنا فنحن أكثر شعوب الأرض لعنا لواقعنا ونعيب دوما زمننا ونوهم أنفسنا أننا الضحايا وغيرنا مذنبون .وأننا الطيبون وكثير منا الخبثاء المفترون. نعرف أن الله مطلع وسميع بصير وأننا إليه راجعون كما نرى كل يوم ولكن لا نعترف أبدا أننا نخالف كل ما نعرفه. نعرف أن الكذب يدمر القلوب ويتعب العقول ويدمر العلاقات ويسلب الحقوق وما الكذب إلا قول الزور ونعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم وقول الزور وإن من آيات المنافق الكذب ولكن لا نعترف أننا نمارسه في كل أوقاتنا ومع كل من يحيط بنا حتى عم الظلم والغلاء والمرض والفوضى والقطيعة فلعن كل منا الآخر بل ولعنا الزمن بالرغم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن لعنه من الكبائر. نعرف أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ونحن نغش فى دراستنا وفى طعامنا وفى رصف شوارعنا وفى المبانى وفى منتجاتنا بكل أنواعها فأصبحت حياتنا بكل مافيها ليس بها عملا متقنا خالصا لوجه الله ونعترف أن الاتقان في المنتجات كان قديما فقط.وأصبح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا كلاماً فقط نتداوله. نعرف أن بناء الأمم ونهضتها بالشباب والرياضة والتعليم ثم العمل ولكن التعليم في واد والحياة فى واد والرياضة في واد وأجسام شبابنا فى واد أخر وإن تخرج من دراسته لا يجد عملا مناسبا بدون واسطة ونلوم شبابنا بأنهم بعيدون عن الواقع والمشاركات وننسى أننا خلعنا نحن عنهم ثوب الانتماء بعدم وجود عمل وإغلاق الطرق فى وجهه للزواج وبناء أسرة. نعرف أن كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ونهمل أبنائنا ولا نستمتع لهم ولا نرشدهم للصواب ولاننهاهم عن الأخطاء ولكن ندخل البيت خلسة لننام فقط ونصم أذاننا عن كل الشكاوى والمطالبات. نعرف حق الجار ونصر على إذائه بأصواتنا ومياهنا وقاذوراتنا وعدم تفقد أحواله. نعرف أن من أحب أن يبارك الله فى رزقه وأن ينسأ له فى عمره فليصل رحمه ولا نعترف أننا نقطع الأرحام ونغذى القطيعة فى قلوب أولادنا فأصبحنا أجسادا مبتورة وزروع بلا فروع ولا أوراق ولا ثمار. نعرف أن للطريق حقه ولكن نستولى عليه ملكية خاصة لنا ونضع الحواجز أمام منازلنا لسياراتنا ونستولى على الرصيف وثلث الطريق لعرض بضاعتنا ومحلاتنا نتركها شبه فارغة.ونسهر على نواصى الطرق وارصفتها في المقاهى لعرض أسوأ أخلاقنا من رجال ونساء مدخنات وألفاظ سيئة وكلاب تسلط على من يمر أمامها . نعرف أن أكل الحلال نعمة وإن أردت أن تكون مستجاب الدعاء فاطب مطعمك ولكن لا نعترف أن الرشوة هى طريقنا لإنهاء الأمور ثم عندما نتعرض للقصاص من الله نمد أيدينا في ذل وانكسار أو نسجد وندعو ولكن لا يستجاب لنا ونشكك فى الآيات ونغضب من عدم الاستجابة .ولا نعترف أبدا أننا الذين لم يستجيبوا لله أولا فكيف يستجيب هو لنا. نعرف أن لين الجانب وصنع الأعذار لتقصير الغير من الإيمان ولكن نصب اللعنات فور التقصير وتصبح صدورنا افرانا ملتهبة للآخرين بدون مبرر فنخلق أعداء لنا لا أصدقاء. لماذا نعرف الصواب ولانفعله ونعرف رضي الله ولا نسعى لنيله.ونعرف صلة الرحم ونقطعها.ونعرف من أكل الحلا ل وتعب بات مغفورا له وأصبح مستجاب الدعوة ونسعى للرشوة والغش والخداع. كيف نبنى أمة تعرف الحق وتخالفه.؟

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى