كتاب و مقالات

بين مستقبل الثقافة وثقافة المستقبل

بين مستقبل الثقافة وثقافة المستقبل
بقلمي / الكاتب – صبحي حجاب
نقف الآن بين ماهية الثقافة ومستوياتها وقدرتها علي قيادة المستقبل العربي قيادة رشيدة ادراكية بالصراعات الفكرية والدولية والقدرة علي فك ألغازها والتحاور مع سوءات العصر المفعم بأوزار الأطماع السياسية ونخس العقول والإرادة , تدور رحا الحرب الفكرية بين من يدعون مثقفي الأمة وبين رواد الدفاع عن طبقات الكادحين للحفاظ علي الأمن القومي الثقافي والذي يبقي علي أمل التماسك والوحدوية الشعبية وعدم تفكيكها وإدخالها في دوائر عنف لصالح الدول الاستعمارية الكبري لتبقي علي الهيمنة المستدامة علي الشعوب العربية من خلال أعوانها الذين يدثون سمومهم ليل نهار في وجدان الكادحين من أجل الوصول لسلطة الحكم الزائف والمقنع
و للعولمة بحكم ثرائها وما تملكه من إمكانات طاغية قادرة علي شل قدرة البشر علي مقاومتها أو التصدي لإغراءاتها بعدما استطاعت السيطرة علي العقول والغرائز بشكل مقلق ومفزع , نجدها فرضت ثقافات متدنية تدعو للاباحية والتحرر من كل القيم والأخلاقيات المحترمة , تجعل من التصدي لهذا الوباء الفكري قدر لا يثني عن مغالبته
وكالعاده يتاخر العرب كثيرا عن مواجهة قضايا هامة ومصيرية , وتاخر هذه المره في بحث ومناقشة ليس فقط مستقبل ومصير الثقافه العربيه وانما دراسة الجوانب التي ادت الي اضمحلال الرؤيه الفكريه وعدم تكوين بعد فلسفي لشخصية ثقافية نيره لها ابعادها الحضاريه ونظرتها الفلسفيه والعلميه بداية بمعرفة كل الاسباب التي ادت الي تاخر الثقافه العربيه واهمها معرفة ان الثقافه تبني بالعلم والرغبه في المعرفه بكل صفات وجوانب الاحداث الماضيه والتخطيط للتطور والتمحور حول رغبات وطموحات الانسانيه العربيه في القفز بالرؤيه الفلسفيه المتجذره في اعماق الشخصيه الحضاريه والنفسيه والدينيه للثقافه العربيه هدفا للوصول بها نحو رؤية بناءه وفكر ثقافي يذهب بالفكر العربي الي افاق ابعد من الخرفات والاكاذيب والصرعات التي ملكت كل مناحي واتجاهات الثقافه العربيه بل وكل مفاصلها وعدم تطورها مستقبلا ومن اهم اسباب تاخر الثقافه العربيه انها والمجتمعات العربيه تختزن في وعيها الجمعي فلا حاجه لدراستها بوسائل البحث العلمي ومناهج العلم الحديث والاكتفاء بالايمان بان المستقبل بايدي الله سبحانه وتعالي 0حتي ايضا الجامعات لم تخرج لنا كوادر علميه متخصصه تصنع مؤسسات ثقافيه ويكون هدفها قيادة الفكر العربي والثقافي ووضعه في طريق ينتهي بادراكه باهمية التحكم في المصير والقرار والارادة المتحرره وهذا يكون باخذ تفسير موضوعي مجرد عن الحاله الثقافيه الحاليه ودراسة اسباب تاخرها ووضع الوسائل التي تكفل لها التطور ديناميكيا مستقبلا
واذا كنا قد تخلفنا كثيرا وتاخرناايضا فالامر لم يعد يحتمل المزيد علي الاطلاق وبخاصة في دراسة ومناقشة مستقبل الثقافه العربيه فعلينا ان ناخذ بالنظر فيما حدث في القرن الماضي وهو مليئ بالانجازات والاحباطات زاخرًا بالمآسى والهزليات مليئا بالاحداث والعبر وكلها ترجمه عصريه لحياه اغريقيه مازلنا نعيش في براثمها علي الرغم من اننا نحتضن قرنا اتصوره سيكون مصيريا في تاريخ البشريه في تكريس مبادئ واركان لمفاهيم الحريه والديمقراطيه والثقافه والحقوق الانسانيه وستدخل هذه الرؤى العالم العربى في صراعات مع مكوناته الفكريه والتاريخه والتراكمات العقائديه والتقاليد والقيم والاعراف المتوارثه وربما معركة الحسم لهذه الصراعات للابعاد الميتافيزيقيه والنفسيه والحضاريه للثقافه العربىه سيحسمها بالتاكيد اخطبوط العولمه ومع حسمه يمكن ان تموت امم وشعوب ولكن ليس بمفهوم الموت ولكن بضياع سماتها وملامحها اي بضياع ثقافتها وتصبح رؤيتها غير موحدة الهدف والسلوكيات التي تحققه لذلك يجب ان يشارك كل القادرين في التفكير والتنوير ويجب ان لا يقتصر علي النخب التي تجتمع في قاعات مغلقه ووسط طقوس اقرب لطقوس الكهنوت
ان تحدي العولمه لمستقبل الثقافه العربيه مازال قائما ويصنع فوارق رهيبه ومفزعه في مجالات التقدم التكنولوجي ومن ثم الاقتصادى والعسكرى لصالح القوى المتقدمه والتي جعلتها تقسم العالم الي اول وثان وثالث ويؤكد ذلك ان الثروة الماليه وحدها لم تستطع ان ترفع دوله من عالم الي عالم مثل دول الخليج التي مازالت في العالم الثالث رغم ثرائها المادى
لكن المؤسف ان الزمن ليس في صالحنا فكلما تقدمنا خطوة تقدم المتقدمون كيلومترا ومن هنا يجب ان نغير نظرتنا لسياق الرؤيه الثقافيه تغيرا جزريا وعلينا اولا ان نبحث لنا عن مكان لا اقصد ان يكون مميزا ولكن معقولا في هذا العصر المتطور وان يكون معقول بمواصفات هذا العصر وليس بعقولنا الحالية لكن الكارثة ان تتحكم العقول المتسببة في هذا التاخر في وضع ورسم ملامح الفكر الجديد والمكان الجديد لمستقبل الثقافة العربية المستقبلية
ان الحديث عن الثقافه كالحديث عن الفلسفه من كل الوجوه اي الحديث عن الكليات والماهيات والسعي الي فهم غامض للوجود والي حب المعرفة والي حياه انسانية افضل لذلك فالحديث عن الثقافه يعني التطرق بالضروره الي جوانب الحياه المختلفة وتطور الثقافة مرهون بتطور هذه الجوانب والعكس صحيح في علاقه جدليه مستمرة , وباختصار عندما نتحدث عن مستقبل الثقافه فاننا نتحدث عن مستقبل الشعوب والامم ككل ونحن بالطبع حريصون علي مستقبل شعبنا وامتنا , فنحن كاشحاص لنا مصلحة مباشرة في الحديث عن الثقافة وفي هذا المستقبل ذاته , لكن هذا الحرص بدوره لا يكفي وحده للدخول في عالم من الغموض سنضل فيه الطريق ولا نصل الي اجابات محدده تفيد في وضع رؤيه شاملة وواضحة لمستقبل الثقافة العربية وهذا هو الامر الخطير الذي يجب ان نهتم به حتي لا نتاخر اكثر ونضع الاجيال القادمه في وضعية صراع غير متكافئ مع شعوب الدول المتقدمه وعلينا من الان التوجة بقوة نحو وضع رؤية علميه واضحه والية التطور الافضل للثقافه العربية
أخيراً , بات واضحا تردي البنية الثقافية عند أغلب الشعوب العربية وهو ما جعلها فريسة سهلة للطغاة كارهي العرب , الذين صنعوا الأزمات والكوارث التي نفذتها أغلب الشعوب العربية بغباء شديد , جعل أهمية الحفاظ علي الأمن القومي العربي يبدأ من الحفاظ الأمن القومي الثقافي ولا أقصد التعليمي لأن هناك فارق كبير بين متعلم وبين مثقف , فكثيرا جدا نجد متعلمين حصلوا علي أعلي الشهادات والدرجات العلمية وهم أقرب للأمين وقليلا جدا ما نجد مثقفين – فالشعوب المثقفة هي الشعوب القادرة علي التماسك أما كل محاولات التفكك ونبذ الخلافات والتقابل فيما بين أفرادها ومؤسساتها علي القواسم المشتركة التي تبني ولا تهدم

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى