اخبار عاجلةفنون و ثقافة

اليوم ذكرى وفات أحمد زكي

كتبت رباب عطيه

تجاوز أحمد زكى عقبات كثيرة فى حياته، يتمه، فقره، فشله فى التعليم، لونه، هزات حياته المستمرة، حتى مع بزوغ نجمه.

بفطرة عبقرية كان يتخطى تلك العقبات، ويحولها إلى مصدر تفرد وسبيل نحو إثبات موهبته وفرْضها على الجميع.

كانت حياة أحمد زكى صعبة، حاول الانتحار عندما رسب أول مرة فى الإعدادية، وقتها كان يعيش مع خاله، وخجل من أن يعود إليه راسبًا، فقرر أن يلقى بنفسه فى الترعة، ولحسن حظه أن الترعة كانت «ناشفة»، فغرس فى الطين.

هذه القصة المبكرة فى طفولته هى نقطة يمكن أن تنطلق منها إلى سر عبقرية أحمد زكى الفنية، هذه النقطة هى حساسيته المفرطة، التى جعلته يتماهى مع كل شخصياته التى يقدمها بدرجة غير طبيعية، تصل إلى حد الجنون، فخلقت منه فى النهاية فنانًا صادقًا ومختلفًا

قال الفنان الراحل نور الشريف عن زميله: «أحمد كان فارق عننا بمسافة كبيرة، من يوم ما كنت بدرسله فى المعهد وهو حالة خاصة وممثل نادر، نادر أوى، هو خطوة متطورة عننا فى فن التمثيل، أكثر اقترابًا إلى الطبيعية، عنده جهاز عصبى مشع وقوى وحساس جدًا».

حاصرت عقبة اليتم صاحبها فى بداياته الفنية، كان حبيس أدوار الشخص الخجول البائس المظلوم المثير للشفقة، وهى عقبة منعته من أن يكون نجم شباك فى فترة السبعينيات، مقارنة بنور الشريف وعادل إمام، حتى محمود عبدالعزيز.

وأول من أعطى الفرصة لأحمد زكى كان فريد شوقى، فى فيلم «ولدى»، وهو من الأفلام متوسطة المستوى لوحش الشاشة، ولعب «زكى» دور «عصفور» وهو دور لشخصية «غلبانة» و«مسكينة» ومثيرة للتعاطف لحاله ووضعه وشكله، واستمر فى هذه الأدوار، التى تعبر عن نمطية حياته وشخصيته الحقيقية فى «مدرسة المشاغبين» وغيرها، وهو ما جعل المنتجين لا يلتفتون إليه، ولعل أزمته الشهيرة لاختياره لفيلم «الكرنك» أبسط دليل على ذلك.

عاش أحمد زكى حياته الفنية حتى آخر يوم فى عمره بنفس درجة الحساسية المفرطة، التى كان عليها فى طفولته، يتأثر بشدة من أقل شىء وبأى شىء.

وعلى نفس درجة التأثر بشدة من أقل الأشياء والمواجهات، كانت درجة تأثيره فى الآخرين، فأصبح فنانا مُعديًا، يهرب منه وإليه الممثلون الشباب، محاولين استنساخه والتلاقى معه، كانوا صورًا متعددة لأصل واحد لا يتكرر، منهم من فشل واندثر، ومنهم الذى هرب إليه ومع الوقت هرب منه، وصار مستقلًا بذاته، لكن بقى أحمد زكى فى الوجدان، الساحر الأكبر الذى علمهم السحر.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى