أقلام القراءاخبار عاجلةكتاب و مقالات

أتغيرنا كتييييير 

بقلم / كواعب أحمد البراهمي

أنا لست من الباحثين في علم الإجتماع ولا المجتمع . ولكن لاحظت حاجات كتير جدا في الأونة الأخيرة . أشياء مفزعة حقا
لن أتحدث عن العنف الذي زاد بطريقة كبيرة , ولا عن إنتشار ظواهر القتل والإنتحار علي مستوي العالم .
لن أبحث عن أسباب ذلك وإن كنت أتمني أن يهتم المختصون ببحث أسباب زيادة تلك الظواهر , هل هو الألكترونات الموجوده في الجو المحيط والذبذبات المنبعثة من الأجهزة الذكية ؟ هل هو الميدات التي ترش في الزروع ؟ هل هو تلوث الهواء .؟ أم تلوث الماء ؟ أما المواد الكيماوية والمواد الحافظة ؟ هل زيادة إستخدام الأجهزة الكهربائية ؟
النتيجة أنني لم أصل إلي الأسباب .
ولكن ما لفت نظري التغير في السلوك من البشر عموما . ما لفت نظري التباعد بين الناس . فأصبح الأخ بعيد عن أخيه , والأب بعيد عن أولاده , والأم لا تقترب من بناتها .
أصبح كل شخص ممكن أن يتهم أي شخص آخر بأي إتهام . لا يهم أن يكون متيقن من التهمة أو غير متيقن . أصبح من ليس معي في الرأي فهو عدو لي . لا تستطيع أن تقول شيئا إلا ولك مهاجمين دونما سبب , أو مؤيدين دون وعي أو فهم .
إنقسم الشعب . بل الشعوب جميعها إنقسمت وفي كل البلدان . خصوصا البلدان العربية . ما هذه التفاهات في الإهتمامات . وما هذا السخف , وما هذا التسطح . ومن أعظم المساوئ ما سمعته في أحد البرامج شخص عربي يري إن إسرائيل مسكينة ومقهورة , وأن الشعب الإسرائيلي لم يجد دولة تفتح أبوابها له , فأضطروا أن يذهبوا لفلسطين .
الرجل العربي نسي مذابح دير ياسين وصابرة وشاتيلا , ونسي محمد الدرة وعهد التميمي وغيرهم وغيرهم , نسي أخوانه العرب في سجون إسرائيل , ونسي دم الشهداء في 1948 , وفي 1967 , وفي 1973 . نسي الإستيطان ونسي غارات إسرائيل وقفل المسجد الأقصي أمام المصلين . نسي أن الباحثة عن مكان تريد أن تجعل العاصمة للبلد عاصمتها .
أصبحنا من المحيط للخليج نقلد رقصة كيكي أو بنطلون ممزق أو أي شئ تافه . ومما زاد الطين بله علي رأي عبد الحليم حافظ . أنك تجد هجوما علي أشخاص أو علي بلدان , دون وعي ودون بحث عن سبب الهجوم , أصبحنا فعلا في زمن الروبيضاء , أصبحنا نصدق الكاذب . والذي ساهم في كل ذلك سؤ إستخدام النت ووسائل التواصل .
أصبح من يسرق فكره أو ما هو مكتوب من شخص وينسب لنفسه , ومن ينسب لشخص أفكار شخص أو أحداث . قرأت يوما عن الشاب الذي سألته المضيفه في بلد غير بلده ما هي البلد التي تحبها أكثر بلدك الأم أم البلد التي تعمل بها , وتم تداول تلك القصة بكل الجنسيات , سألت مضيفة شخص مصري , ومرة شخص سوري , ومرة شخص سوداني . وقصة إطعام الطفلين الفقيرين والذي دفع عنهم الحساب صاحب المطعم , مرة محامي مصري ومرة محامي أردني ومرة عن شخص يمني .
والأكثر سؤا أن يتم نسب قول الإمام الشافعي للإمام اليث أبن سعد مثلا أو يتم نسب قول هارون الرشيد لمعاوية بن أبي سفيان مثلا .أو أشعار الفرزدق للشاعر عنتره العبسي .
أصبحنا لا نريد معرفة الحقائق , كل ما نفعله كوبي بست لأي شئ دونما وعي ,
أصبحنا ننقل ما يغير فكر الشباب والشباب نفسه لا يريد أن يري الحقيقة ولا يبحث عنها , أصبح منساقا لأي فكر حتي لو كان ضد بلده . ولو كان ضد مصلحته , أصبح أعداء البلد يطلقون الشائعات وطبعا وسائل التواصل تغذيها كما يتغذي النار بالحطب . وأصبح هناك سخط علي الدولة , دون النظر إلي أي إيجابيات .
صحيح توجد سلبيات كثيرة , ولكن ممكن نحاول إصلاحها ونحاول أن نفعل ذلك بجد وإجتهاد . يوجد أكثر من خط ساخن للإبلاغ عن الفساد , لا أحد يستعملهم , ولكن يستعملون الأسلوب الأسهل وهو السب علي البلد ونشر الشائعة .
أخر ما قرأت وشاهدت قبل كتابة هذا المقال الهجوم المكثف علي نجيب ساويرس , للحق أنا لا أعرفه جيدا ولا أعرف عنه الكثير , ولكنه أرسل محامين للدفاع عن شباب فقراء أضطرتهم ظروف الحياة , وعدم الخبرة للعمل في تهريب بعض البضائع وكان لهم قضية , وقامت إحدي المذيعات بإستضافتهم في برنامجها , وعندما تحدث الشاب برر عمله في التهريب بإحتياجه للعمل والمال للإنفاق علي أخوته وأمه .
وقام نجيب ساويرس بإرسال محامي للأولاد وتعهد بأن يعطيهم فرص للعمل معه في مشروعاته . فهل هذا يستدعي الهجوم بأنه يريد شهره ويريد أن يظهر علي حساب الأولاد .
هل نكافئ من يحسن أي عمل بالهجوم عليه , فعندئذ سيمتنع الناس عن تقديم العون , سنقفل باب خير لأي محتاج لفرصة عمل أو باحث عن وظيفة .
لماذا نحن أصبحنا لا نفعل شيئا غير فقط تصيد الأخطاء , بل وتحويل أي خطأ إلي جرم , وبل وتحويل الفعل الحسن إلي فعل سئ بالكلام عنه وتشويهه .
نحن نحتاج لوقفة مع النفس . لأن الله سيحاسبنا علي كل صغيرة وكبيرة , ما كتبته الأيدي وما قالته الألسن . وما نسبناه لغير أهله . كما توجد سرقات مادية ممكن أن نلمسها , يوجد سرقات معنوية , ويوجد سرقات للفرحه من القلوب , ويوجد جرائم زرع الشر في النفوس . وزرع الفتن والحض علي الكراهية .يوجد جرائم كثيرة جدا ربما لا ينص عليها القانون , ولكن يحاسب عليها حسابا عسيرا رب البشر .
نريد فعلا كلنا دونما إستثناء وقفة مع النفس , ومراجعة الضمير , فالآخرة ليست بعيدة جدا كما تظنون .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى