أقلام القراءاخبار عاجلةكتاب و مقالات

مشكلة البطالة فى المجتمع المصرى (رؤية مستقبلية)

بقلم
دكتور / ايمن حسن النجار
دكتوراه الاقتصاد وخبير سوق المال
مقدمة:
تعد مشكلة البطالة من أهم وأخطر المشكلات التي تعاني منها معظم اقتصادات الدول المتقدمة والنامية ، حيث تؤدي مشكلة البطالة إلي نتائج سلبية في المجال الاقتصادي والاجتماعي وتعمل الحكومات على خفض معدلاتها والتخفيف من أثارها ، وأصبحت مجال اختبار لقدرة النظام الاقتصادي على النمو بالسرعة الكافية لتوفير فرص العمل وإعادة تشغيل الوحدات العاطلة في اقل قدر ممكن من الزمن.
فمشكلة البطالة هي ظاهرة عالمية ذات آثار اقتصادية واجتماعية وتعمل الدول المتقدمة والنامية على مواجهتها وهي تحدث في الدول النامية لأسباب قصور النمو الاقتصادي عن ملاحقة النمو السكاني ونتيجة لعجز المدخرات المحلية عن تمويل الاستثمارات اللازمة لتوفير فرص العمل، ويتوقف حجم القوي البشرية على حجم السكان وشكل الهرم السكاني بينما تتوقف فرص العمل على مدي زيادة معدلات النمو.
والبطالة فى معناها الواسع هي التوقف لجزء من قوه العمل في اقتصاد ما برغم القدرة والرغبة في العمل والإنتاج وتقاس في العادة بمعدل يسمي معدل البطالة ، وهي تمثل الفرق بين كميتين أكبرهما هو كمية عناصر الإنتاج من الموارد البشرية والأسواق هي كمية فرص العمل المتاحة لتلك العناصر وتحدث البطالة نتيجة لانخفاض الاستثمارات أو الهبوط في دورة النشاط الاقتصادي نتيجة لحدوث الكساد أو للتغير في التكنولوجيا أو التغير في طلب المستهلكين أو عدم تأهيل العمالة بما يتناسب مع التغيرات في سوق العمل ، وتنتج البطالة عادة من اختلال سوق العمل لاعتبارات تتعلق بجانب الطلب وجانب العرض.
حيث تهدف هذه الورقة إلي استعراض مفهوم البطالة وعلاقتها بالنمو الاقتصادي ونمو الإنتاجية والتضخم وتطور إعداد البطالة في مصر وأسبابها والإستراتيجية المقترحة لمواجهتها.
وتتناول الورقة مقترح لإستراتيجية مكافحة البطالة في مصر والتي ترتكز على أربعة أركان وهي زيادة إنتاجية العمالة ودعم ومساندة المشروعات الصغيرة والتوسع في الزراعة والدعم المؤسسي والتوسع في الخدمات لبيان أثر البطالة على النمو الاقتصادي.
أولا: مفهوم البطالة:-
أن الشخص المتعطل هو الشخص القادر على مزاولة عمل له قيمة اقتصادية واجتماعية ويسعى إلى الحصول عليه ولا يجده .
وجاء في معجم مصطلحات القوى العاملة البطالة هي : عدم توافر فرص العمل للعمال القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه .
وطبقاً لهذا المفهوم يكون العاطلون هم الأفراد القادرون على العمل والراغبون فيه ، ولكن لا تتوافر لهم فرصة الحصول عليه .
اذن فالبطالة تعرف بأنها الحالة التي يكون فيها الشخص قادراً على العمل وراغباً فيه ، ولكن لا يجد العمل والأجر المناسبين.
وتعتبر البطالة المقنعة أحد أشكال البطالة الرأسية حيث أنها تشير إلي الحالة التي يمكن فيها الاستغناء عن عدد من العمال دون أن يؤثر ذلك على الناتج الكلي ومن ثم هي الحالة التي تنخفض فيها الإنتاجية الحدية إلي الصفر .
البطالة في الفكر الاقتصادي الحديث:
يري أصحاب هذا الفكر أن البطالة تحدث نتيجة لأربعة أنواع هي البطالة الاختيارية والبطالة الهيكلية والبطالة الدورية والبطالة المقنعة
البطالة الاحتكاكية:
تشير البطالة الاحتكاكية إلي وجود إفراد بدون عمل وقادرين عليه ويبحثون عنه أو عن وظيفة أفضل من سابقتها ، وهذا النوع من البطالة يعتقد أنها حتمية وتمثل جزء مرغوب فيه حيث ينتقل العمال بإرادتهم بين الوظائف المختلفة نتيجة للرغبة في زيادة الأجر أو زيادة الإنتاجية وهذا يؤدي إلي زيادة الدخل وتوفير نوعية وحصص عمالة أفضل من الموارد البشرية وبالتالي يتحقق نمو في الناتج والذي يؤدي إلي فرص عمل إضافية
وعادة ما تكون فترات البطالة الاحتكاكية بين الأفراد هي قصيرة الأجل ومن العوامل التي تؤثر فيها هو مدي توفر المعلومات عن سوق العمل وسوق العمالة وتكلفة البحث عن فرصة العمل، وبالتالي السمة المميزة للبطالة الاحتكاكية هي أنها مؤقتة وأن الاحتكاك لسوق العمل لابد من أن يسمح بوجود الوظيفة المناسبة.
البطالة الهيكلية:
تشير البطالة الهيكلية إلي ذلك النوع الذي يحدث نتيجة لتغيرات هيكلية في الاقتصاد بحيث تصبح مؤهلات العمالة غير متوافقة مع فرص العمل المتاحة، ويحدث هذا النوع نتيجة للانخفاض الحاد والكبير في طلب المستهلكين حيث ينكمش الطلب على الصناعات التقليدية ويزداد الطلب على الصناعات الحديثة فتزداد معدلات البطالة في الأولى دون إمكانية استيعاب هذه البطالة في الثانية
أوقد تحدث نتيجة لإحلال التكنولوجيا والتي تحدث تغيير في هيكل أو تركيب الطلب الكلي على العمالة وبالتالي عدم قدرة قوة العمل على الاستجابة جزئياً أو كلياً إلي الهيكل الجديد للطلب على العمل، حيث يؤدي التغير التكنولوجي إلي استخدام فنون إنتاجية جديدة ونوعيات جديدة من السلع تحل بدلاً من القديمة، ويترتب على ذلك فقد فرص عمل حيث أن العمال القدامي ليستطيعوا التكيف في الأجل القصير مع فرص العمل الجديدة التي أحدثتها التكنولوجيا لاختلاف قدراتهم أو مؤهلاتهم.
والاختلاف الهام بين البطالة الاحتكاكية والبطالة الهيكلية هو أن العمال الموجودين في بطالة احتكاكية لديهم مهارات مرتفعة بينما العمال الموجودين في بطالة هيكلية غير مؤهلين للعمل إلا بعد إعادة التدريب والتعليم الإضافي.
البطالة الدورية:
البطالة الدورية هي التي تحدث نتيجة للتذبذب في الدورات الاقتصادية و تحدث نتيجة لانخفاض الطلب الكلي أو الإنفاق الكلي وبالتالي كلما انخفضت الدورة الاقتصادية كلما انخفض الناتج الكلي وازدادت معدلات البطالة وهذا يحدث في فترات الركود والكساد حيث ينخفض الناتج ويظل مستوي الأسعار مرتفعاً في حالة الركود وينخفض في حالة الكساد، وذلك مثل ما حدث في فترات الركود في الاقتصاد العالمي في الفترة من 1924 إلي الفترة 1927 وعندما وصل إلي الكساد العظيم في 1933 والذي قوض الأنشطة الاقتصادية وأدي إلي ظهور نسب بطالة مرتفعة.
ويري بعض الاقتصاديين أن هذا التذبذب في الدورة الاقتصادية ناتج عن السياسات المقيدة المؤدية إلي الانكماش أو إلي ارتفاع معدلات التضخم أو إلي الاختلاف في القرارات والنظم الاقتصادية ، ويري فريق آخر أن السبب يرجع إلي اكتشاف المبتكرات الحديثة والتي تؤدي بالاستثمار في إنتاجها حالة من الرواج وبالتالي توفير فرص العمل وفي حالة عدم وجودها ينخفض الناتج وتنخفض فرص العمل وتحدث البطالة و يري فريق ثالث أن الرواج يتحقق خلال فترا الحروب حيث يشتد الطلب على سلع ومعدات القتال وبالتالي يتحقق الرواج ويزداد الطلب على العمل وبعد انتهاء فترة الحرب ينخفض الطلب على العمال وبالتالي تحدث البطالة الدورية.
البطالة المقنعة:
البطالة المقنعة هو وجود بعض الأشخاص في وظائف يتقاضون عنها أجور بينما لا يضيفون إلي الإنتاجية والاستغناء عنهم لا يؤثر على حجم الإنتاج وينتشر هذا النوع من البطالة في الدول ذات التضخم السكاني وفي الأجهزة الحكومية الكبيرة وفي وحدات الإنتاج المملوكة للدولة حيث يتم التشغيل لأغراض اجتماعية وسياسية ، وهذا يعني أن البطالة المقنعة تحدث عندما يوجد عدد من العمال يفوق العدد المطلوب للعمل بحيث إذا تم سحب هذا الفائض فلن يؤثر ذلك على كمية الإنتاج
ختاما يمكن القول بأن البطالة تعد من أهم وأخطر المشكلات التي تعاني منها معظم اقتصادات الدول المتقدمة والنامية ، لما لها من آثار ونتائج سلبية في النشاط الاقتصادي والاجتماعي ، كما انها أصبحت مجال اختبار لقدرة النظام الاقتصادي على النمو بالسرعة الكافية لتوفير فرص العمل وإعادة تشغيل الوحدات العاطلة في اقل قدر ممكن من الزمن.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى