دين و دنيا

مع كتاب الله ج4 بقلم الشيخ موسى الهلالى

قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
ج / 1 ص -19- الْأَنْهَارُ}،لم يبين هنا أنواع هذه الأنهار، ولكنه بين ذلك في قوله: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً} [47/15].
وقوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ}، لم يبين هنا صفات تلك الأزواج، ولكنه بين صفاتهن الجميلة في آيات أخر كقوله: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} [37/48]، وقوله: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [55/58]، وقوله: {وَحُورٌ عِينٌ، كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [56/23,22]، وقوله: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً} [78/33]، إلى غير ذلك من الآيات المبينة لجميل صفاتهن، والأزواج: جمع زوج بلا هاء في اللغة الفصحى، والزوجه بالهاء لغة، لا لحن كما زعمه البعض.
وفي حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إنها زوجتي” أخرجه مسلم.
ومن شواهده قول الفرزدق: [الطويل]
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستبيلها
وقول الآخر: [الكامل]
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي والظاعنون إلي ثم تصدعوا
قوله تعالى: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}؛ لم يبين هنا هذا الذي أمر به أن يوصل، وقد أشار إلى أن منه الأرحام بقوله: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [47/22].
وأشار في موضع آخر إلى أن منه الإيمان بجميع الرسل، فلا يجوز قطع بعضهم عن بعض في ذلك بأن يؤمن ببعضهم دون بعضهم الآخر. وذلك في قوله: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ، أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً} [4/151،150].
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}؛ ظاهره: أن ما في الأرض جميعا خلق بالفعل قبل السماء، ولكنه بين في موضع آخر أن المراد بخلقه قبل السماء، تقديره، والعرب تسمي التقدير خلقا كقول زهير:
ولأنت تفرى ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
ج / 1 ص -20- وذلك في قوله: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} [41/10]، ثم قال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} الآية [2/29].

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى