أدب

من هو الله .. وماهو شكله ؟

تعقيبي على المقال الإسبوعي للناقد الأكاديمي الجليل أ.د.أحمد فرحات بعنوان”أسماء الله الحسنى”:

من هو الله .. وماهو شكله ؟

=================

بقلم 

الشاعر.عباس محمود عامر

“مصر”

   حينما يأتي أي إنسان إلى الدنيا .. يتبادر إلى ذهنه عدة أسئلة مهمة .. كيف أتي ؟ ومن أتاه ..؟ .. ولماذا يأتي ؟.. وما هذا الكون الرحب؟ .. ومن خلقه ؟

كل هذه الاسئلة إجابتها لها مدلول واحد هو الله سبحانه وتعالى ..لقد خلق الانسان مالم يعلم ..خلقه من طين ونفخ فيه من روحه .. وروح الإنسان هي روح الله .. لأنها من خلقه فهي ملكه .. لقوله تعالى في سورة الحجر : (ونفخت فيه من روحي) .. وخلق له الدنيا ليعمرها ويعيش في نعيمها .. وجاء الإنسان إلى الدنيا لعبادته من خلال الدين المعاملة ..لأن تعاملك مع الله هو تعاملك مع أسرتك مع المجتمع من مختلف ألوان البشر .. ومع عملك ومع دنيتك في كل المخلوقات أيضا .. كل هذه المعاملات تتمثل في عبادة الله .. وخلقك لهذه العبادة فالله يرعاك في دنياك .. عليك أن ترعاه في كل هذه التعاملات من خلال ضميرك الحي .

من خلال الدنيا ومافيها من مخلوقات عرفنا الله .. بل انزل لنا الأديان ليوضح لنا أساليب المعاملة .. ومن معرفة تطبيقها نعرف ماهية وكيفية عبادته .. ومن خلال كل ما سبق عرفنا أسماء الله استأثر بها في علم الغيب.

روي أن المشركين سمعوا المسلمين يدعون ” الله ” مرة .. و ” الرحمن ” مرة ثانية ، و ” القادر ” مرة أخرى ، فقالوا : أينهانا محمد عن الأصنام وهو يدعوا أكثر من آلهة؟ فنزلت الآية الكريمة : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } أي هذه الأسماء إله واحد فقط .. وليست بآلهة متعددة كما أشاع المشركين .. هو الله الواحد الأحد .

 روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن لله تسعة وتسعين اسما .. مائة غير واحد .. من أَحصاها دخل الجنة”. وهي مدح الله وحمده على كل شيئ.. وثناء وتمجيد وتعظيم جلالته.. وصفات وكمال ونعوت مكانته في علاه.. وأفعال الحكمة والرحمة والمصلحة والعدل والبركة من الله .

يقول ابن القيم في انشودته عن أسماء الله الحسنى:

“هذا ومن توحيدهم إثبات أو… صاف الكمال ربنا الرحمن

كعلوه سبحانه فوق السماوات … العلى بل فوق كل مكان

فهو العلي بذاته سبحانه … إذ يستحيل خلاف ذا ببيان

وهو الذي حقا على العرش استوى… قد قام بالتدبير للأكوان

حي مريد قادر متكلم … ذو رحمة وإرادة وحنان” .

وكتب الشاعر الطبرستاني عبد القادر الجيلاني قصيدة أسماء الله الحسنى يقول فيها :

“بحقك يا رحمن بالرحمة التي

أَحاطت فكن لي يا رحيم مجملا

ويا ملك قدوس قدس سريرتي

وسلم وجودي يا سلام من البلا

ويا مؤمن هب لي أمانا محققا

وسترا جميلا يا مهيمن مسبلا” .

انعم الله عليك وعلى قلمك دكتورنا الجليل في هذه الأيام المباركة .. ويمنحك كل ألوان الكرم في شهر رمضان المبارك .

الشاعر.عباس محمود عامر

“مصر”

=======================

أسماء الله الحسنى

بقلم 

أ.د.أحمد فرحات .. 

اثنان وعشرون ومائة بيت هي مجموع أبيات قصيدة أسماء الله الحسنى أو عطاء السماء في معاني الأسماء كما أراد لها الشاعر أحمد مرسي، تضمنت تسعة وتسعين اسما جليلا من أسماء الله الحسنى، أبدى الشاعر في قصيدته -جليلة القدر عظيمة الشأن- مشاعر عبد فقير إلى ربه العلي القدير على وزن البسيط.

وقد راعى فيها الشاعر ترتيب الأسماء الجليلة كما وردت مبتدأ بالله الرحمن الرحيم الملك القدوس .. التزم الشاعر في القصيدة الواحدة أو قل الديوان برمته؛ لأن القصيدة هي الديوان.

والديوان هو القصيدة- الشكل التقليدي للقصيدة العمودية شكلا ومضمونا، فالأبيات تتوالى في وتيرة واحدة متخذة التعظيم والإجلال لله الواحد الأحد في تضرع وتوسل. وبينا تسير القصيدة على هذا النمط فإن الشاعر يعلن لك ضعف حاله، وسقم بدنه، وقلة حيلته أمام المحن، فيختلط بذلك الخاص بالعام، ويراوح بينهما صعودا للتجلي وهبوطا للتمنى.

سلمت لغة القصيدة/الديوان من الكلمات الغريبة والحوشية، وجاءت في معظمها سلسة طيعة، في متناول القارئ، ولم تند عن ذلك إلا في النزر اليسير من الكلمات التي ربما تضطرك إلى المعجم، ككلمة المرجاف في قوله:

البارئ الخلق من لا شيء موجده بركان إعجازه المرجاف بالحمم.

والمرجاف: اسم آلة من رجف، مرسمة الزلزال، جهاز دقيق مرهف يسمح برصد الهزات الأرضية وتسجيلها، فنعرف أهميتها وقوتها، واتجاهها ومدتها.

وككلمة الطغم التي تعني أرذال الناس وأوغادهم، وهي الضعيف الرديء من كل شيء.

وكلمة شقمي، في قوله:

هزي إليك بجذع تغنمي شقمي إلهنا الله رب السر تعرفنا

والشقم هو جنس من التمر

وللشاعر في لغته طرائق طريفة فيستخدم (أل) للدخول على المضارع (يا أيها الملك ال نرجوه مغفرة ..) وأل هنا موصولة وليست للتعريف، وهو أسلوب مستخدم لدى القدماء.

وأحيانا يستخدم (يا) النداء للدخول على اسم معرف بال، وهذا جائز مع لفظ الجلالة فنقول يا الله، ولا يجوز مع غيره، مع تحفظنا لخلاف النحاة حول الجواز والوجوب، فإن الشاعر استخدم يا النداء للدخول على الاسم المعرف بأل وهو اسم من أسماء الله الحسنى فوفق في ذلك كل التوفيق فقال(فيا الجليل بعثت الأنبياء هدى..) وأحيانا يستخدم أل للدخول على الفعل الماضي (يا نعم من عاصم في قلب معتصم..).

وسرت في أمشاج النص للشاعر أحمد مرسي روح الحلاج وغيره من المتصوفة المشهورين كتكرار لبعض الكلمات مزدوجة النطق كالعبارات الصوفية الحلاجية: حال أحوالي، وعين عيني، كل كلي، بعض بعضي، بحر بحري لذا فجاءت العبارات المزدوجة عند شاعرنا .. خلق الخلق-روح الروح- سر السر- موت الموت-حلم الحلم –حد الحد.

نجا الشاعر أحمد مرسي من الغلو الذي وسم بعض قصائد المديح، لكنه لم ينج من التأثر بالبوصيري وشوقي في بردتيهما الشهرتين، فامتطى البحر البسيط وقافية الميم المكسورة، مما جعل القوافي عنده قريبة قربا مباشرا مع البردة ونهجها، وربما بعض المسكوكات اللغوية التي جرت سيرورتها مجرى الأمثال وإن لم تكن أمثالا بالمعنى القياسي.

وهي تسريبات عفوية تأثر بها الشاعر نتيجة الإعجاب والدهشة الممتلئ بهما الذهن قبل الشروع في عملية الكتابة كثنائية اللذة والألم عند البوصيري ومرسي

والحب يعترض اللذات بالألم (البوصيري)

طوبى لمن كبل اللذات بالألم (مرسي).

أو النداء للائم:

يــا لائِمي في الهوى العُذْرِيِّ مَعـذرَةً (البوصيري)

يا لائمي شأن عشقي بالغ العظم (مرسي)

أو ثنائية السم والدسم:

كَـم حسَّــنَتْ لَـذَّةً للمرءِ قاتِلَةً مِن حيثُ لم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَـمِ (البوصيري)

… عين ترى السم غنما في هوى الدسم (مرسي)

أو ثنائية عاد وإرم:

لم تَقتَرِن بزمـــانٍ وَهْيَ تُخبِرُنــا عَنِ المَعَـــادِ وعَن عـادٍ وعَن اِرَمِ (البوصيري)

“القادر” انساق إذعان الوجود له في القول والفعل من عاد ومن إرم (مرسي)

,****************

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى