أدب

اللغة والأسلوبية ركائز الممارسات النقدية

تعقيبي على المقال الإسبوعي للناقد الأكاديمي الجليل أ.د.أحمد فرحات بعنوان “الممارسة النقدية..الموت لا يستأذن”:

اللغة والأسلوبية ركائز الممارسات النقدية

=======================

بقلم 

الشاعر.عباس محمود عامر

“مصر”

 الموت رغم أنه قدر .. لكنه لا يمحو الحضارات لأن الحضارات كامنة في روح التتبع الإنساني .. إلي أن يأتي اليوم الذي لا يعلمه أحد إلا الله .. ليعيد الحياة إلى التراب .. والحضارات بنيت على لغة .

واللغة هي الوسيلة التي تستخدم في صياغة العلم والمعرفة .. وتحدد التواصل بين البشر .. وخلق التفاهم التام في التعبير عن الآراء وتبادل المعلومات والثقافات.. اللغة تجسد حضارة الأمة في طرح الممارسات الحياتية عبر ثقافات متعددة ترسخ المفهوم الحضاري للإنسانية عبر العصور .

 وعلم اللغة هو ذلك العلم الذي يهتم بمعالم اللغة ومكوناتها من حروف ومخارجها .. ومفردات لها تركيباتها النحوية .. من اللغة تحددت الأسلوبية التي تشرح الحالة الشعورية التي يتأثر بها المتلقي في النص الأدبي الذي تسرده اللغة .. وكان السويسري “شارل بالي” عالم اللغة .. هو من أسس الأسلوبية من خلال كتابيه .. الأول سماه “في الأسلوبية الفرنسية” ..والثاني “المجمل في الأسلوبية” .. وبرز في تونس “عبد السلام المسدي” الذي يعد رائد الأسلوبية العربية فقد عرفها بأنها: “دراسة الخصائص اللغوية التي يتحول بها الخطاب عن سياقه الإخباري إلى وظيفته التأثيرية والجمالية”.. كما ظهر في مصر د. سعد مصلوح الذي حدد الأليات الإحصائية في التشخيص الأسلوبي للنص الأدبي .

من اللغة والأسلوب كان النص الأدبي الذي يطرح الرسالة المطلوب طرحها بلغة تشكل سياق النص الجمالي مع الشحنة الشعورية للروح الشاعرة ..وتأتي الممارسات النقدية التي تأخذ من اللغة والأسلوبية ركائز أساسية لتحليل النص وكشف وتوضيح الصور التعبيرية والجمالية من مجاز وخيال وتصاوير روحية .. تشكل فنون الإبداع والإحساس. 

 أدام الله قلمك الرائع دكتورنا الغالي.. لتظل علما من أعلام النقد الأدبي .. يرفع الأدب العربي إلى المكانة الرفيعة بين الأمم .

  الشاعر.عباس محمود عامر

“مصر”

=================

 الممارسة النقدية..الموت لا يستأذن

بقلم أ.د.أحمد فرحات

إذا أردت راحة بالك فاجعل نفسك أعمى، صامتا، أصم كأنك لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم، وإن تكلمت فقل الحق جهرا..

وما فارقتُ قربَ الناسِ من عبثِ ولا أقوى على ملء الفراغات

لكن جرحا من الأحباب أقنعني أن القريبين أولى بالخسارات

وما يعني خروج الروحِ إن خرجتْ فهذا الموت لا يعني النهايات

فكم عندي من الأحـــياء أعرفـهم ولكني أعـــاملهم كأمــوات

إن الممارسة النقدية هي ممارسة لغوية في المقام الأول، والأدب عموما لا يمكن أن يكون إلا توسيعا لبعض خصائص اللغة.

وأن حقلا أكاديميا بكامله هو الأسلوبية تم إيجاده على الحدود المشتركة للدراسات الأدبية وعلم اللغة؛ فالأدب ليس إلا امتدادا لبعض خصائص اللغة. ومن ثم فقد نشأت علاقة وطيدة بين الدراسات الأدبية والنقدية باللغة.

وقد تراءى من خلال الممارسات النقدية أن الخصوصية اللغوية التي تستدعيها النصوص الشعرية المنتقاة تعنى باستثمار الطاقات اللغوية الكامنة فيها. فالفنون القولية (مسموعة أو مكتوبة) تنطلق من اللغة، وتنتهي بأفكار لا متناهية الدلالة لدى المتلقي.

ومن الصعب أن تنحسر المادة النقدية على الجانب اللغوي المعياري، بل لا بد أن تتجاوز الجامد منها، وتنطلق إلى آفاق جمالية تتسم بقدرتها على النفاذ إلى عوالم الخيال والمجاز وتصور الأشياء بطبيعة غير طبيعتها المادية الصلبة.

وقد بدا لنا تصور خطير يتمثل في انشغال المهتمين بالحقول اللغوية الجافة للولوج إلى النص الأدبي شعرا ونثرا.

وبدت تطغى المادة اللغوية الحامدة على الجمالي بشكل لافت، أو تحويل مسار الدراسة الجمالية إلى دراسة محدودة تنحصر في الالتفاف حول الجمالي، و المجازي، و الخيالي بأدوات محدودة جدا، إذ عالم النص الشعري أو الروائي أو القصصي أو المسرحي يتجاوز اللغة المعيارية للنفاذ إلى اللغة السحرية الخيالية التي لا يتحكم فيها اعتدال المنطق اللغوي المعروف لدى علماء اللغة.

ومن هنا فقد غدت الدراسات النقدية القائمة على الجانب اللغوي فحسب دراسات عقيمة، حيث تغولت فيها عناصر غير جمالية طغت على سطح الرقعة النقدية فأصابتها بالجفاف والنضوب.

خطراتُ ذكرك تستثيرُ مودتي … فأحسُّ منها في الفؤاد دبيبا

لا عضوَ لي إلا وفيه صبابةٌ … فكأن أعضائي خُلقن قلوبا

إننا نؤمن إيمانا صادقا بالطاقات الجمالية للغة الشعرية، وليست اللغة المعيارية، فاللغة الشعرية قادرة على فك أسرار النص الشعري من المجازات والإيحاءات الثرية التي يتشكل النص منها كالحالة النفسية، والسياق العام الذي نشأ فيه ذلك النص الذي أدى إلى التمرد على الشق النحوي الجاف.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى